تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا بتحسين نظام التعليم؛ حيث تم تنفيذ التعليم المجاني لمراحل التعليم الأساسي والثانوي في البلاد، ومع زيادة النمو السكاني الكبير الذي شهدته المملكة خلال العشرين سنة الماضية، تضعف البنية التحتية للمدارس، مما يدفع الآباء والأمهات لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة أو المدارس العالمية، وتعتبر الرسوم الدراسية المفروضة للتعليم مرتفعة للغاية، مما يضع ضغطًا على الأسر التي تسعى للاستثمار في تعليم أبنائها، وعبئًا ماليًا على المواطنين من يسعى للحصول على تعليم ذي جودة، مما يعزز التفاوت الاجتماعي والاقـتصادي.
ويضطر البعض للجوء إلى القروض أو تخفيض مستوى حياتهم من أجل تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة.
وفي حالة بعض الشركات؛ فإنها توفر دعمًا ماليًا لموظفيها لتغطية تكاليف تعليم أطفالهم، بينما لا تتوفر وسائل الدعم المالي للآخرين.
من هنا، يطمح المجتمع السعودي إلى تعميم تجربة المدارس التابعة للهيئة الملكية في الجبيل وينبع، وحث الهيئات الملكية الجديدة للمناطق في المساهمة في بناء البنية التحتية بنفس المستوى الذي تميزت به الهيئة الملكية للجبيل وينبع. التي تقدم تعليم عالي الجودة، بالإضافة إلى تركيزها على تنمية الطلاب وتوفير فرص للمشاركة في الأنشطة المختلفة. كما تعزز هذه المدارس التواصل بين المدرسة وأولياء الأمور، وتعمل على تربية الطلاب على قيم الاحترام والتعاون؛ وبهذه الطريقة سيحصل المواطنون على التعليم المجاني بطريقة عصرية تليق بهذا الشعب العظيم في ظل القيادة الرشيدة.
ومع تطور العالم الحديث وزيادة الطلب على البرامج التعليمية المتقدمة، أصبح الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراة أمرًا ضروريًا لتطوير الذات وتحسين فرص الحصول على دخل مرتفع، وفي هذا السياق، يتنافس العديد من الطلاب والخريجين للحصول على فرصة التسجيل في برامج الدراسات العليا.
ومع تزايد الطلب على هذه البرامج، لاحظنا تطورًا ملحوظًا في سياسات الجامعات. فبينما كانت البرامج المجانية متاحة لفترة طويلة، بدأت بعض الجامعات في تقنين القبول فيها أو إلغائها تمامًا، مقابل تقديم برامج مدفوعة التكاليف.
ومع هذا التحول، زادت تكاليف دراسة الدراسات العليا في الجامعات الحكومية بشكل ملحوظ.
وتحدث هذه الزيادة في التكاليف عن عائق كبير بالنسبة للأفراد الذين يسعون لمتابعة درجة الماجستير أو الدكتوراة، مما يحد من الفرص المتاحة لهم لتحقيق النمو الشخصي والمهني.
وفي الفترة الأخيرة، شهدنا زيادة ملحوظة في عدد برامج الماجستير والدكتوراة المقدمة من الجامعات، حتى وصلت رسوم برنامج الدكتوراة إلى ١٠٠ ألف ريال والماجستير 70 ألفًا، وتلك الزيادة دفعت البعض للتعبير عن قلقهم بشأن تحول البرامج المجانية إلى برامج متاحة فقط لأبناء الأثرياء، وتجاهل رغبة الراغبين في التعلم وأصحاب الطموح العلمي.
وبفضل الله، أصدر مجلس شؤون الجامعات قرارات هامة لمواجهة هذه المشكلة؛ حيث قام بإيقاف جميع برامج الدراسات العليا وطلب إعادة تقييمها لأسباب عدة، منها التأكد من جودتها، وامتدادها لتخصص الأقسام المنسوبة له، وأرجو أن يكون إعادة تقييم الأسعار أحد الجوانب الأساسية في التقييم.
إن التحدي المالي يفاقم الصعوبات التي يواجهها الذين يسعون لتطوير قدراتهم وخدمة وطنهم من خلال التعليم، وبالتالي، يشكل ذلك مطلبًا لاتخاذ إجراءات مناسبة للتحسين، وتخفيض تكاليف التعليم وتوفير برامج دراسية متوازنة ومناسبة للطلاب بغض النظر عن قدرتهم المالية. كما ينبغي على الجامعات تعزيز جودة التعليم وضمان أن البرامج الدراسية تتوافق مع متطلبات سوق العمل، وتمكن الخريجون من تحقيق طموحاتهم، وتحقيق النجاح في مجالاتهم المختارة.