من المقولات التي سيخلدها التاريخ إجابة الفيلسوف والعالم الإنجليزي “برتراند راسل” عام 1959م، عندما سُئل في مقابلة لشبكة BBC: ماذا تريد أن تخبر الأجيال القادمة عن أهم الدروس التي تعلمتها من الحياة؟!
فأجاب: علينا تعلم التسامح فيما بيننا، وتعلم قبول حقيقة أن بعض الناس يقولون ما لا نحب أن نسمعه، لذلك لا يمكننا العيش سويًا بهذه الطريقة الحتمية لبقاء البشر على الحياة.
كلما كان المجتمع أكثر استعدادًا للتعايش والانسجام والتقارب والتناغم، كلما كان المجتمع أكثر تطورًا وتقدمًا واستقرارًا.
ولتعزيز عملية قبول الاختلاف
علينا التركيز على نشر الإثراء الثقافي والعلمي
لذا لا شك بأن الإنسان المثقف يؤمن بالتعايش؛ فالتعايش يتطلب ابتداء قبول الآخر باختلافه الفكري واللغوي والمذهبي والديني، وهذا يستدعي الحوار معه وذلك يتأتى عبر فضاء الحرية ليتسع لكل الآراء، عبر تثبيت قواعد الحرية في المحيط المجتمعي، مما يتطلب تأسيس علاقات ووقائع لكسر حواجز الأثرة ونوازع الأنا الضيقة، وممارسات الشطب والإلغاء والنفي والتكفير، وتؤسس لحسن الاستماع وقبول الآخر، واحترام وجوده وفكره وقناعاته، والحوار ليس من أجل إلغاء الخصم أو ثنيه عن أفكاره وقناعاته، وإنما من أجل الحرية التى تعزز التواصل الإنساني والحضاري.
ولا ننكر بأن قد عشنا أزمنة من الإقصاء حتى منّ الله علينا بعراب الرؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ولعلي أتذكر حديث السفير الأمريكي السابق ألبرتو ميغيل فرنانديز: (إن مبايعة ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان لتولّي هذا المنصب كانت خيارًا وضع الشخص المناسب في الوقت المناسب؛ حيث حمل ولي العهد على عاتقه مسؤولية تنفيذ عملية إصلاح صعبة وطويلة وشجاعة كانت المملكة العربية السعودية بأمسّ الحاجة له).
وما يؤكد اهتمام ولي العهد (الاستثنائي) بالثقافة وأهلها، وإيمانًا بدورها في تحسين جودة الحياة، اللقاء الذي جمع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالمثقفين ٢٤ مايو ٢٠١٩، وتأسيس وزارة خاصة بالثقافة بمثابة التأكيد على الدور المهم لهذا القطاع في التنمية المستقبلية للمملكة.
وتثمين ولي العهد للجهد الذي يبذله المثقفون السعوديون باختلاف مشاربهم لخدمة وطنهم ومجتمعهم، ولأنه صاحب رؤية مستقبلية شدد على الأهمية المحورية للثقافة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وفي تحسين جودة الحياة، ودورها في حفظ الهوية والتاريخ، وفي التعبير عن التنوع الحضاري الغني الذي تحظى به المملكة، وإسهاماتها في مد جسور التواصل المعرفي والإنساني مع الحضارات والدول الأخرى.
إيمانه سموه -حفظه الله- بأن الحوار والثقافة تُساعدان على تقريب المسافات ويؤديان إلى انتشار مفاهيم التطور المعرفي والتبادل الثقافي؛ فالعالم الذي نعيشه اليوم يتطلب منّا الحوار مع أنفسنا أولًا، والحوار مع الآخرين ثانيًا، لكي نصل إلى رؤية إنسانية مشتركة قادرة على نقل سماحة ديننا وعظيم ثقافتنا ورؤيتنا 2030 التى نؤمن جدًا بها.
– ماجستير علم نفس إرشادي