من المؤسف أن يتجرأ بعض أفراد الجاليات العربية والأجنبية المقيمة على أرض المملكة العربية السعودية، وبمساهمة ومساندة من بعض المواطنين من ممارسة بعض الأنشطة المحظورة التي تُصنف من قضايا جرائم الانتحال والتزوير محليًا وعربيًا ودوليًا.
حيث أصبحنا نُشاهد بين الفينة والأخرى ما يُسمى بحفلات التنصيب والتكريم من خلال بعض الكيانات الأجنبية التي تدعي زورًا أنها تعمل تحت مظلة هيئات أممية دولية، وهي ليس لها تمثيل قانوني أممي أو ترخيص محلي، وليس لها أي مكانة علمية عالمية، ومع ذلك فهي تقوم بمنح الألقاب الوهمية (الأكاديمية أو الدبلوماسية أو القضائية أو الإعلامية.. إلخ) في حفلات فنية بحضور بعض الشخصيات الوطنية والأجنبية، ويتم الإعلان عن ذلك في بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية وبعض وسائل التواصل الاجتماعي، والهدف من طرح هذا الموضوع هو إبراز أهمية صداه الأمني والوطني.
في ثنايا هذا المقال سنسلط عدسة مجهر التوعية الثقافية والضوء الأمني والوطني بما يكشف مخاطر ومساوئ نشاط تجارة الألقاب الوهمية على حقوق ومكتسبات مسميات الوظائف الأكاديمية والمناصب الرسمية، وانعكاس ذلك على الأمن الثقافي والاجتماعي والاقـتصادي والوطني؛ ولتسليط الضوء على أهمية هذه القضية؛ فإننا سنتناول الأسباب التي أدت إلى وجودها والآثار المترتبة عليها ومخاطرها، والحلول المناسبة للقضاء عليها من خلال الآتي:-
أولًا: الأسباب التي أدت إلى وجودها وانتشارها
1. تتخذ بعض الكيانات الوهمية بعض أساليب التضليل والتحايل لإيهام المجتمع بأنها ذات صبغة شرعية دولية من خلال التلاعب بتشابه المسميات أو الشعارات الرسمية والخيرية لبعض الكيانات الأممية والدولية مما يعطي المجتمع الثقة فيها.
2. الدرجات العلمية مثل: دكتور والألقاب الدبلوماسية مثل: سفير وسفير فوق العادة والقضائية مثل: مستشار ومحكم دولي وباقي الألقاب مثل الإعلامي والكاتب والأديب والفنان والشاعر والمفكر تُعتبر ألقابًا جذابة من السهل الحصول عليها لمن يبحث عن الوجاهة الاجتماعية وتعبئة ملف السيرة الذاتية ممن غابت ضمائرهم وفسدت ذممهم، وضاعت أماناتهم من الطامحين في مسميات مناصب ووظائف رسمية الحصول عليها يتطلب وقتًا طويلًا وجهدًا شاقًا من الكفاح والتأهيل العلمي والعملي.
3. غياب أو ضعف الأنظمة التي تُجرم وجودها وانتشارها أو ضعف تطبيق نظام عقوبات التجريم لمكافحة نشاط تلك المنظمات، ومن يتعامل معها أدى إلى نفوذ نشاطها وانتشارها داخل الوطن.
4. بالرغم من الجهود المبذولة لبعض الدول العالمية والعربية والخليجية، ومنها هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وبعض الحكومات التي تصدر تحذيراتها باستمرار من خطورة تلك المنظمات والاتحادات ومراكز التحكيم الوهمية التي انتشرت في المنطقة العربية والخليجية وبعض دول العالم، والتي تُمارس التضليل والتحايل من خلال ادعائها أنها مرخصة دوليًا وتعمل بشكل قانوني، وبالرغم من تلك الجهود إلا أنه لا يزال هناك نفوذ نشط لبعض الكيانات غير النظامية داخل الوطن تعمل عبر أجندة محلية من بعض أفراد الجاليات المقيمة وبعض المواطنين الذين يحملون درجات علمية وألقابًا لا يعرف مصداقية ووثوق مرجعيتها؛ حيث يستخدمونها للوجاهة ولكسب الثقة، وتلك الأجندة تتفرع من لوبي دولي تتاجر ببيع منح الألقاب على بعض الجهلاء وغير الجهلاء من بعض الأغنياء والفقراء من الرجال والنساء من البسطاء والوجهاء بما فيهم شخصيات ورموز اجتماعية مرموقة اقتصادية وثقافية وفنية لها مكانتها الطبيعية من بعض مشاهير ووجهاء المجتمع الذين يبحثون عن المزيد من الوجاهة لمنافسة الشرفاء والنبلاء والكادحين من أصحاب المناصب والدرجات العلمية والدبلوماسية الرسمية؛ للتغلب على دوافع النقص والغيرة في نفوسهم فيظنون أنهم صعدوا سلم العليا، وتربعوا على عروش المجد بحصولهم على تلك الألقاب والمناصب والدرجات العلمية المزيفة التي بحصولهم عليها فقدوا معها التقدير والاحترام والثقة؛ فكل من يعرفهم يحتقر أفعالهم وتوجهاتهم وحتى وإن وجدوا دواعي المجاملة؛ فإنها تكون تحت ستار نظرة الازدراء والانتقاد الصامت فعندما يطلق عليهم لقب دكتور أو سفير أو سفير فوق العادة أو مستشار أو محكم قضائي إنما تطلق تحت مظلة المجاملة لمراعاة الروابط الودية الاجتماعية، وربما تعرض بعضهم للانتقاد الجارح الصريح من بعض الشخصيات الحازمة التي لا تقبل المساومة والمجاملة، ولا تتقبل التزوير والتزييف التي تتعدى على حقوق الآخرين المادية والمعنوية.
ثانيًا: الآثار السلبية المترتبة عليها اجتماعيًا ومعنويًا:-
1. امتهان وتهميش حقوق ومكانة الدرجات العلمية والوظائف والألقاب الرسمية.
2. تهميش وإحباط أصحاب الدرجات العلمية والمناصب الرسمية.
3. تفشي وانتشار أسباب الغش والتزوير والاحتيال والتخلف العلمي والثقافي.
4. الخلط بين المؤهلات الرسمية والمؤهلات الوهمية.
5. طريق وسلم للصعود إلى بعض الوظائف والوجاهة الاجتماعية والثقافية.
ثالثًا: الآثار السلبية والأمنية لتلك الألقاب الوهمية
إذا لم يكن هناك إجراءات قانونية ونظامية لتجريم مثل هذه الأنشطة غير المرخصة محليًا ودوليًا؛ فإن ذلك سيؤدي إلى التالي:-
1. ظهور المزيد من الكيانات الأجنبية الوهمية في وطننا؛ وخاصة وأنه تم فرض قيود نظامية وقضائية في بعض الدول العربية تحت مظلة جامعة الدول العربية التي شهرت بأسماء الكثير من الكيانات والمؤسسات العلمية والثقافية والإعلامية والاقتصادية الوهمية مما أدى إلى تعقب وإغلاق تلك الكيانات.
2. افتتاح كيانات ومؤسسات محلية تحت مظلة السعودة بإدارة من تلك الكيانات الأجنبية التي لا تستطيع ممارسة أنشطتها المشبوهة في بلدها الأم بعد تضييق الخناق عليها.
3. فقدان الثقة بين المجتمع بسبب الخلط بين الألقاب الرسمية والتجارية المزيفة.
4. تشجيع وتحفيز انتشار أسباب انتحال الألقاب وأساليب التزوير ووسائل النصب والاحتيال بين المجتمع؛ وخاصة في القطاع الخاص وإشغال الدوائر الأمنية والقضائية بسبب تنامي جرائم تلك القضايا الإجرامية.
الحلول:
بكل تأكيد أن هناك من الأفكار الوطنية والأمنية من هم لديهم القدرة على استنباط أهمية هذا المقال ومخاطر هذه الكيانات وانعكاسها على سمعة الوطن والمواطن، وإيجاد الحلول المناسبة والتي أرى منها الآتي:-
1. سن الأنظمة والتشريعات التي تجرمّ هذه الأنشطة كلًا من الكيانات الوهمية وكل من يتعامل معها من أصحاب الشهادات والألقاب الوهمية.
2. تفعيل دور الجهات الرقابية بتشجيع التعاون مع المجتمع في الإبلاغ عن أي أنشطة حفلات ومناسبات منح الشهادات الفخرية والألقاب الوهمية.
3. التشهير بأي كيانات وهمية وأي شخصيات حازت على أي شهادات فخرية أو ألقاب ومناصب وظيفية.
4. ملاحقة ومعاقبة استخدام أي درجات علمية وألقاب ومناصب فخرية وهمية تصدر من أي كيانات غير معترف بها محليًا ودوليا مثل: (دكتور، أي لقب دبلوماسي.. مثل: سفير فوق العادة، سفير الإنسانية، مستشار، محكم دولي، إعلامي، كاتب، فنان، شاعر، مطرب إلخ).
5. إلزام القطاع الخاص بالتأكد من سلامة وصحة متطلبات ملفات السيرة الذاتية والإبلاغ عن أي شهادات أو درجات أو ألقاب غير معترف بها من جهات رسمية معروفة و موثقة.
6. توعية وتثقيف المجتمع بمخاطر وعقوبات استخدام الشهادات والدرجات والألقاب الفخرية الوهمية؛ وخاصة ممن يسافرون للخارج لحضور حفلات التنصيب والتكريم لهم الثقافية والخيرية من أي كيانات غير معترف بها محليًا ودوليًا.
7. عدم استخدام الدرجات العلمية والألقاب الفخرية حتى وإن كانت صادرة من جهات أكاديمية أو كيانات أممية معترف بها إلا بعد الرجوع للجهات لمختصة للترخيص باستخدام تلك الشهادات والألقاب.
8. منع وتجريم كل من يتبرع ماليًا لدعم أي كيانات خيرية أممية غير موثقه وتوعية المجتمع بمخاطر دعم تلك الكيانات التي ربما تكون لها أنشطة دولية محظورة، وأن يتم الالتزام بتعليمات ولوائح التبرعات عبر القنوات الرسمية وللكيانات الخيرية المحلية أو عن طريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
9. تفعيل دور اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي في دعم الجهود العربية بشأن القضايا المدنية والتجارية والإدارية والجزائية وقضايا الأحوال الشخصية.
10. يحتفظ الكاتب بمعلومات موثقة عن بعض (أ) الكيانات التي أقامت حفلات منح وتنصيب الألقاب (ب) الكيانات التي تستقبل التبرعات الخيرية من المواطنين وتكافئهم بمنح الألقاب الفخرية.