المطر آيةٌ من آيات الله تعالى التي تدلّ على قدرته العظيمة، فمن الذي يستطيع غير قدرته أن يغيث الناس بالمطر؛ فيذهب ظمأهم، ويلطّف الجو الشديد الحرارة والقيظ الذي يضايقهم؟
هذه النعمة ليس للإنسان يدٌ في حصولها، ولا يخفى على أحدٍ أنّ ما يحصل أو سيحصل للعباد والبلاد من الضَّرر كبير جدًا، إذا تأخر نزول الغيث، فالآبارُ تنضب، والثِّمار تذبل والمواشي تهزل، ومصالح الناس اقـتصاديًا وحتى اجتماعيًا وبيئيًا معظمها يتوقف عن الإنتاجية..وبما أن الله أنعم على عباده بنعمة العقل ليفكر دومًا بالبدائل عند تعرّضه للشدائد، وحل المشكلات الطارئة والمزمنة مثل انحباس المطر وانقطاعه وتعرّض الأرض للجفاف، فقد تدخل خبراء وعلماء الجيوغرافيا وغيرها من المجالات ذات الصلة، فكان لا بُدّ من إيجاد طرق وحلول بديلة تنقذ الناس والأرض، هذا وقد أعلن المركز السعودي للأرصاد، بدء العمليات التشغيلية لبرنامج استمطار السحب الصناعي، وانطلاق أولى الطلعات الجوية على أجواء مناطق الرياض والقصيم وحائل؛ وذلك ضمن المرحلة الأولى للبرنامج. مع الإشارة إلى أنه أول من قام بهذه التجربة عام 1947 منظمة الكومنولث للأبحاث العلمية والزراعية، وقد حققت نجاحًا، ومنذ ذلك الحين بدأت الدول العربية القريبة من الصحارى تقوم بخطط ووضع برنامج مدروس ومتوازن لاستمطار الأراضي.. لكن قبل الحديث عن هذه التجربة ورأيي فيها لا بُدّ من تعريف مصطلح (الاستمطار):
هو تدخل بشري تقني محدود لتلقيح أو زرع السحاب بمواد التكثف الطبيعية أو الكيميائية، وهو تقنية وهبها الله تعالى للإنسان بالعلم والتعلم من أجل السعي لتعديل الظروف المناخية وتحسين الأحوال الجوية بشكل محدود، وترويضها لخدمته إن استطاع.
يعمل على تسريع عملية هطول الأمطار أو زيادة إدرار السحب من المياه.
جاءت هذه التجربة لاستمطار السحب ضمن البرنامج الوطني للاستمطار الصناعي كمرحلة أولية، والتي بدأت أواخر شهر أبريل الماضي؛ لتمتد على مدار خمس سنوات، وتشمل العاصمة الرياض أيضًا.
_ أما بالنسبة للمطر والاستمطار، فهو عملية اصطناعية تهدف إلى زيادة كمية الأمطار في مناطق معينة. يتم ذلك عن طريق إطلاق منتجات كيميائية في الغلاف الجوي في المناطق المستهدفة، مما يؤدي إلى تكوين نوى للغيوم وتحفيز تكاثر البخار وزيادة التكثيف، مما يؤدي إلى تساقط المزيد من الأمطار. لا يمكن لأي شخص القيام بعملية الاستمطار، فقد تمّ تنظيمها وتنفيذها من قبل الجهات المسؤولة عن ذلك في مملكتنا الحبيبة.
ويسعى البرنامج الذي وافق عليه مجلس الوزراء مؤخرًا، إلى تحقيق ستة أهداف تتمثل في زيادة معدل الهاطل المطري السنوي 10% و20%، مما يُساهم في تعزيز التكيف مع التغير المناخي وفي الحد من التصحر، ويحقق استهداف إطلاق المشروع الأهم ، وهو مبادرة «السعودية الخضراء» وذلك عبر:
• زيادة الغطاء النباتي.
• نقل المعرفة والتقنيات.
• تأهيل الكوادر الوطنية.
• دعم أبحاث فيزياء السحب.
• رصد العناصر الجوية في طبقات الجو العليا.
• دعم أعمال الإنذار المبكر من العواصف الغبارية.
• إعادة ملء السدود، وزيادة مخزون المياه الجوفية لاستخدامها مستقبلًا.
• امتداد المرحلة الأولى إلى خمس سنوات متتالية بدءًا من عام 2022؛ حيث سيتم في عمليات الاستمطار الصناعي نوعان من السحب:
١- الأول هو صديقٌ للبيئة، فلا يؤذي النباتات أو المحاصيل الزراعية، وتكون عبارة عن سحب باردة ليس لها أي أثر سلبي.
٢- الثاني هو انتشار السحب الركامية على مساحات معينة محملة بالرطوبة أو بخار الماء، فتتمُّ عملية حقن كمية مناسبة من المواد الكيميائية المحفزة تكفي لسقوط المطر.
وأخيرًا، كل الأمل أن تحقق المملكة العربية السعودية الريادة في الوصول إلى حلول جذرية لهذا الأمر، والخطوة الأولى بدأتها بنجاح -بإذن الله- فتكون هي السبّاقة في إطلاق هذا المشروع بتقنيات عصرية حديثة ولا مانع الاستفادة من خبرات من سبقنا للعمل على نموها وتحديثها، وقد شاهدنا بالأمس القريب تجربة لرائدي الفضاء السعوديين (ريانة وعلي) التي سوف تُساعد التجربة العلماء والباحثين على ابتكار طرق جديدة لتوفير الظروف الملائمة للبشر-ومنها عمل الأمطار الصناعية – للعيش في مستعمرات فضائية على سطح القمر والمريخ. كما ستُساهم التجربة في تحسين فهم الباحثين لتكنولوجيا الاستمطار مما سوف يُساهم في زيادة معدلات الأمطار في العديد من الدول.
0