يتحفنا التاريخ بين حين وآخر بأسر تتوارث الموهبة، الصنعة، أو المجد، وأسرة “بن نجيفان” إحدى تلك الأسر التي ورثت عن جدها الأول، سعد بن نجيفان، ذلك السيف، وتلك البندقية، التي جاهد بهما دفاعا عن الدولة السعودية الثانية، في عهد الإمام عبدالرحمن بن فيصل، وواصل رفع رايتها في المهجر، بين صحراء الربع الخالي وسواحل الخليج، ثم عاد ليشارك في ملحمة استرداد الرياض، وإرساء قاعدة بناء الدولة السعودية الثالثة، في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن.
استشهد “بن نجيفان” في معركة البكيرية عام 1904، وكان شابا في الثلاثين من عمره، فأستل سيفه وحمل بندقيته ابنه محمد، وأشقائه عبدالعزيز وعبدالله، ولما استكمل مشروع التوحيد، انخرط كل منهم في الدور الذي كلف به من ولاة الأمر، فكانوا أمراء وقادة ورجال دولة.
أبرز الأبناء كان محمد بن سعد، الذي عين أميرا على أبها، بعد أن شارك في الحملة العسكرية لاستعادتها من شرك الفوضى وانفلات الأمن، ثم انتقل منها إلى إمارة الوجه، ثم الدوادمي، فبلاد بني شهر، قبل أن يُكلف بإمارة محايل عسير، وبعد نهاية ولايته عاد إلى ديوان الملك أميرا على فرقة عسكرية في الرياض، حتى طلبه نائب الملك في الحجاز، الأمير فيصل بن عبدالعزيز، في إمارة مكة المكرمة، وانتهى به الحال إلى ديوان الملك عبدالعزيز.
وفي عهد الملك سعود، طلب الأمير مساعد بن عبدالرحمن بن فيصل (أول رئيس لديوان المظالم وأول رئيس لديوان المراقبة العامة، ثم وزير المالية)، نقله ليعمل تحت إدارته في ديوان المظالم، حيث زامل الشيخ محمد بن جبير- رئيس مجلس الشورى لاحقا- حتى تقاعده.
ومضى الأبناء والأحفاد على نفس الطريق، فمنهم من لبس البدلة العسكرية، كاللواء عبدالعزيز بن محمد النجيفان، وابنه العقيد خالد، ومنهم من عمل في وزارات وإدارات ومشافي حكومية، وجميعهم استلهم واستحضر سيرة السلف والحفاظ على إرثه وسمعته.
ولأن المسافة بعدت بين تاريخ تجاوز عمره المائة عام، وجيل الألفية الثانية، فقد رأت الأسرة أن تسجل ذلك التاريخ في كتاب يحفظ له تفاصيله، ويوثق أحداثه، ويلهم جيل اليوم والأجيال القادمة، من أسرة النجيفان، والأسرة السعودية بإتساع الوطن، وهو ما قد كان من خلال كتاب “بين الأب والجد.. سيرة مجد”، الذي نتناول فصوله سويا في مقالات لاحقة.