المقالات

السؤال الملح

لطالما كان السؤال الملح نابعًا من حاجة تماثله أهمية وإلحاحًا، أدى ذلك في بعض المرات إلى ابتكار نظرية، أو صنع نظرة إبداعية مختلفة، وكذلك تعامل البعض بطريقة رفع الراية والاستسلام أمام ضغط الإمكانيات المحدودة، والمحاولات المهدورة، يجعلني هذا أتسائل حول ماهية الأسئلة التي يمكننا المراهنة على إجابتها، دون أن تشكل المحاولة هدرًا للوقت، والجهد، وتكرارً لا يفضي لنتيجة مختلفة، خاصة حينما أستشعر أن الحاجات الملحّة لم نتكيف كبشر على عدم محاولة خلق الحلول والإجابات على مشاكلها، أتسائل: كيف يمكن تحديد المحاولة التي تستحق، والمعطيات التي يمكن الرهان عليها؟ وهل جاءت البشرية بما هو أبعد من غلبة الظن والعلم التجريبي؟ وهل تختفي الأشياء الملهمة خلف الغيبيات المبهمة فعلا؟ ما الذي يمكن أن تقدمه العلوم التي لم تكتسب بعد رسوخها بما قدمته من إجابات وحجج؟ حينما انتبهت إلى كمية التقاطر في الاستفهامات، شعرت أني أثقلت كاهلي دون أن أستريح بعد استفهام محاولاً إجابة كل سؤال على حدة، لذلك؛ في شأن تحديد المحاولة التي تستحق: أشعر أن المعطيات سواء كانت خبرات أو معلومات على تفاوتها، هي تقدم التغذية التي يمكن الخلوص منها إلى قرار المحاولة من عدمه، أما حول ما جاء ليكون إضافة على الظن الغالب والعلم التجريبي فلا يعدو كونه زيادة في أحدهما، تعزز ما يريده الباحث أو السائل، فمثلا: ليست كل الأمور المشكلة في عقل شخص ما موجودة لدى جميع البشر، فما يشكل عليّ قد يكون أبجدية معروفة في عقل شخص آخر، وهذا يعكس أهمية أن يشكل الزمن دافعًا لاكتساب المعرفة والعديد من عمليات رفع الجهل في كل سؤال أعثر عليه أو أتعثر به، وهذا وإن استغرق حياة كاملة إلا أنه انشغال نبيل ومبرر، أما عن سؤال اختفاء الغيبيات المبهمة ومدى القدرة على أن تكون مانحة لإلهام أو دليل يقدم فلا شك لدي في ذلك، فمن هذا الجانب جاءت أغلب النظريات العلمية والمخرجات الإبداعية، قطعت المسافة من ظلام العدم عبر نفق الاحتمالية، وحدث أن تجلّت بعد ذلك في صورة بهيّة تشبه وجود حاسة جديدة نكتشفها للتو، أو قدرة تقترب من تحريك الأشياء عن طريق العين كما أود أن أحظى بذلك يومًا، عودًا على تفكيك بقية الأسئلة، حسنًا هو السؤال الأخير، حول ما تقدمه العلوم المكتشفة، بقراءة سريعة لجوائز نوبل التي قدمت عبر السنوات، هي بلا شك تعطي صورة عن مدى التوسع الذي تحظى به النظرية المكتشفة، حيث يسهم اكتراث العقول المبدعة إليها إلى صقلها أو نقضها أو التفريع عنها بمكتشفات أخرى فرعية عنها، هنا حيث يرتسم الحاصل الأكبر، لسنا إلا في أول المسافة التي تفصلنا عن الكثير من الجديد، والمفاجئ، وربما الصادم لدرجة مراجعة أشياء كثيرة عوملت كمسلمات لفترة لا بأس بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى