لم تجدِ كل وسائل التقنية والصناعات الحديثة في إنقاذ الغواصة “تيتان”، ولا في إنقاذ الأثرياء الخمسة الذين أرادو توثيق حطام سفينة “تايتنيك”، وهذا دليل على أن العالم مهما وصل لمراحل متقدمة في الصناعات إلا أنه في لحظات بسيطة يجد نفسه عاجزًا عن فعل أي شيء.
“تيتان” فُقدت منذ الأحد الماضي، وهي تتمتع بقدرة على الغوص لمدة 96 ساعة، ولم يتم العثور إلا على حطامها يوم الخميس. استخدم الجيشان الأمريكي والكندي وسائل طائرات وسفن مجهزة بروبوتات غواصة، ولكن دون جدوى.
تم توجيه أسطول متعدد الجنسيات من عناصر وآليات الإنقاذ إلى مكان الحادث ولكن مات الأثرياء، لتبقى آثار الغواصة “تيتان” بجوار حطام سفينة الرحلات الشهيرة (تيتانيك) التي غرقت في القرن الماضي في مياه الولايات المتحدة وكندا، ولم تجدِ العبارات في بيان شركة “أوشنغيت إكسبيديشن” الأمريكية المشغلة للغواصة “تيتان”: “قلوبنا مع هذه الأرواح الخمس وكل فرد من عائلاتهم خلال هذه الفترة المأساوية. نأسف لخسارة الأرواح والسعادة التي حملوها معهم لكل من عرفهم”.
ظلت عناصر الإنقاذ تُتابع باهتمام الغواصة، وفعلوا كل ما يمكن إلا أنهم عجزوا عن إنقاذهم؛ ولهذا كان القرار الحتمي إعلان وفاة الأثرياء الخمسة على إثر انفجار شديد داخل الغواصة، مما جعل شركة “أوشنغيت” تقول في بيان لها: “نعتقد الآن أن رئيسنا ستوكتون راش وشاهزادا داود وابنه سليمان وهاميش هاردينغ وبول-هنري نارجوليه ماتوا للأسف”.
وأنا أتابع حادثة الوفاة (الترفيهية) للمترفين الخمسة التي نعتها الحكومة البريطانية على لسان وزير الخارجية جيمس كليفرلي المتضمن “دعم وتعازي” الحكومة لأهالي الراحلين. تذكرت حوادث غرق بعض المراهقين في مجاري مياه الأمطار والسيول.. رغم التحذيرات المتكررة من الجهات المعنية.
حتى وإن كان الأثرياء مستكشفين حقيقيين كما جاء في “البيان” ويتشاركون روح المغامرة المميزة، ولديهم شغف عميق لاستكشاف محيطات العالم وحمايتها.. إلا أنه كان من الأولى عليهم حماية أنفسهم وعدم خوض هذه المغامرة خاصة وأن حادثة “تيتانيك” لا زالت عالقة في الأذهان.
ختامًا
كثيرا ما يغتر الإنسان بقوته ولكن فجأة يجد نفسه مكتوف الأيدي أمام قدرة الله عز وجل!، وهنا يتبادر إلى الذهن عدد من الأسئلة المتعلقة بحال المستكشفين داخل الغواصة أثناء الغرق وقبل الانفجار وعن مشاعرهم والحال الذي كانوا عليه؟ وأي ندم يفيد بعد المغامرة (الكارثة)؟
مات الأثرياء الخمسة وأحزنني أكثر وفاة الابن سليمان ذو الـ١٩ عامًا، الذي دفنت أحلامه في قاع المحيط، على يد والده، وكان من الأولى على والده شاهزادا داود عدم اصطحابه في رحلة المغامرة، ولكن هي رسالة لكل أب مهما بلغت محبته لابنه أن لا يغامر بعمره.
الغواصون الذين ارادوا توثيق حطام سفينة “تايتنيك” ذكروني بالمثل الشعبي: جيت أصيد السمك لقيت السمك صياد!.