إيوان مكة

لم أعد مُعجبة بك

ليست مجرد حروف، إنها مجموعة أفكار وأرواح تاهت واحتارت ثم قررت ‏إما البعد أو القُرب، ‏في مشهد تقول فيه الممثلة “آن هاثاواي” للشاب الذي أحبته ورغبت بالزواج منه
‏”I love you so much, I just don’t like you
‏anymore”.. “أحبك كثيراً، لكنني لم أعد معجبة بك”
‏احترت قليلا في الجملة، إنها متناقضة وغير منطقية وتفتقد للإحساس.. ربما بسبب أننا عشنا تحت الضغط الاجتماعي، فسلمنا عقولنا لتجارب من سبقونا، ‏وبمرور السنين والعلاقات التي حولنا تأكدت أن ‏ما قالته “آن هاثواي” هي أكثر جملة منطقية، وأن المشهد قد مر علينا ولامس إحساسنا.
‏أن تكون قد أحببت شخصا لكن الأيام والمواقف وقربه وتصرفاته كشفوا أمورا أبهتت توهُجه بداخلك، تشعر أنك تحبه، لكنه ليس الشخص المناسب لحياتك!.
‏يالهذه الغرابة في تدرُّج حالة الحب لدينا.. ‏فهي تبدأ بالإعجاب بالحبيب كمرحلة أولى، ثم الحب كمرحلة لاحقة، ثم نقضي بقية عمر الحب نفتش عمّا كان يعجبنا في الحبيب!!
‏لابد أن هذه الطريقة هي السبب في أن معظم بدايات الحب لدينا إما قصص حب خديجة، أو قصص معاقة عاطفياً!.
‏(قصص حب ينقصها الحب) ينقصها أن نلمس تفاصيل دفئها في قلوبنا، ينقصها الحياة لتُعيد أنفاسها، ‏فنحن نسطّح أهمية حالة الإعجاب، بل ونعتبرها مرض نفسي ووهم ونمر عليها مرور اللاهثين خلف المرحلة التي تليها، لا نأخذ وقتاً قبل الزج بقلوبنا إلى المجهول، يكفينا في مرحلة الإعجاب هذه اليسير: مظهر جميل، موقف عابر، كلمة رقيقة، سلوك راق، مصادفة تكررت، صوت يحرك الساكن فينا، يكفينا القليل جداً في مرحلة ما قبل الوقوع في الحب لنرسم سيناريو قصة الحب في مخيلتنا، اعتماداً على شخصية الحبيب التي ظننا أننا عرفناها تماماً من خلال ذلك القليل، إلا أن المفاجأة أننا اكتشفنا منذ الفصل الأول للقصة أن الحبيب ليس مطابقاً تماماً لشخصيته في السيناريو الذي كتبناه من قبل.
ومع كل فصل من فصول القصة نكتشف أكثر أن هذا الحبيب «غير مطابق للمواصفات»!، ونكتشف في مرحلة متأخرة من الوجع أننا كنا بصدد حب شخص آخر لا يحمل هذا الحبيب من صفاته شيئاً، إلا أننا أخطأنا ودفعنا قلوبنا ثمناً لهذا الخطأ الجسيم!، فأصبح شعارنا لا وجود للحب، والحب كذبة، والحب فقط في الأفلام.
‏فهل المُذنب هو الحب؟ أم طبيعتنا البشرية؟ أم أرواحنا التائهة؟!.
‏الحب هو الحب لا يتغير، ولكن نحن من نغير قناعاتنا وأنفسنا ومفاهيمنا تجاه ما نشعر، أثناء شغف البدايات يبدو كل شيئا قابلا للدهشة واختراق القلب، ‏ولكن مع مرور الزمن يصبح الشيء الذي كان محتملا ومغتفرا لا يطاق، كيف لذلك الذي أحببته أن يطفيء شغفك به، والإطفاء بنفس قوة الاشتعال في البداية، فلم يعد هناك من حلول إلا حرق كل شعور سابق وهذا اجحاف لمشاعر البدايات أو وضع الفرضيات والتسابق لأخذ نصيحة من اللايف كوتش وتطوير الذات لتؤكد لنا ما نريده، أنه لا وجود للحب بزماننا وحتما علينا تقديس الوحدة والبعد عن البشر.
‏ولكن مهلاً.. لضمانة استمرار مشاعر الحب وإبقائه حيّا يجب استمرار ذلك الإعجاب لأنه وقود المحبة.

مريم إبراهيم الحربي

ماجستير علم نفس إرشادي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الحب منه عشق و جنون – يهدا كالبركان و يثور – ….
    و حب بين الأهل و الأقارب – لكني اكره فيه الصفات كالبخل –
    او الظلم او حب الهوى و المجون و المسكرات و المخدرات التي تدفع نحو المصحات النفسية و العقلية …..
    او الحب عندما يتحول الى الدم بين الزوجين أو الأقارب
    عند غياب العدالة و الطلاق و الغضب و العنف الأسري
    و الأمراض النفسية و العقوق و القطاعة و التهديد وغياب
    التفاهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى