نعم..إنه الحج تلك الشعيرة التي توليها حكومتنا السعودية الحكيمة حفظها الله جلّ إهتمامها، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالغزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حفظهم الله وسدد على دروب الخير خطاهم، وليس أدل على ذلك تلك الميزانيات الضخمة التي تنفقها في مشاريع تنموية لبنى تحتية في جميع المجالات، وأجزم بأن جميع وزارات الدولة تعنى بالحاج، في منظومة متكاملة يشد بعضها أزر بعض، ليهنأ الضيف الكريم بفضله سبحانه بأداء نسكه بيسر وأمن وسلام، والحديث هنا عن المشاعر المقدسة (منى و مزدلفة و عرفات)، تلك المنطقة الجغرافية المتلاصقة المحصورة بحدودها الجبلية، التي فرضها الله تعالى لتكون مقصداً بل ركناً رئيس لمن أراد الحج، والتي تعد من كبرى المناطق المكساة بالخيام في أيام معدودات، و المتابع لمنطقة المشاعر المقدسة، يجدها في تطور مستمر و ديمومة لمشاريع بنى تحتية، تعاصر التطور التقني الذي تعيشه المملكة و رؤية تضع من أولوياتها راحة الحجيج، و مليونية بدأ بزوغ شمسها يلوح على أرض الواقع المشرف، في تحدٍ كبير نحن جديرون به، برعاية قيادتنا السعودية، و من الأقوال المتناقلة أن ليس من سمع كمن رأى، إذ شرفني الله تعالى بخدمة الحجيج، فوقفت على المشاعر في جولات ميدانية، فوجدتها منطقة صناعية تسابق الزمن لترميم وإعادة بنى تحتية، تنتشر على روافها كتلة من البشر، بجميع فئاتهم المدنية والعسكرية و العمرية ذكوراً وإناثا، يكدحون في أجواء ساخنة، في الظل وتحت أشعة شمس صيف تفوق الأربعين بدرجات عديدة، ولا عجب بوصفهم كتلة من الأحاسيس، لعشق متأصل يحملونه في خدمة ضيوف الرحمن، و الحديث هنا يشمل جميع أبناء وبنات الوطن المشاركين في موسم الحج، إذ يتسابق جميعهم في تنافس محمود لتجويد الخدمات المقدمة ليهنأ الضيف الكريم، والمتابع عن قرب أو عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، وما تنقله لنا عبر الأثير لتلك الكتل البشرية المكتظة بأم القرى وطيبة المصطفى عليه الصلاة والسلام وفي المسجدين الشريفين خاصة، يكاد الواحد منّا يجزم أن وراء تلك الجهود لطف إلهي يسخر له سبحانه القائمين على هذه البلاد الطاهرة، لإدارة تلك الحشود البشرية، من خلال دراسات وخطط يشارك فيها خبراء وإستشاريون، عبر دورات وورش مكثفة، تضع نصب أعينها السلامة والطمأنينة والأمن المنشود، بما يرتقي لطموحات القيادة الحكيمة في خدمة ضيوف الرحمن، ليهنئوا بأداء نسكهم بيسر وسهولة إبتغاء مرضاة الله، القائل في كتابه العزيز:(وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)، ولقد سخر الله سبحانه لخدمة هؤلاء الكرام كراماً مثلهم من المتطوعين، شباباً وشيبة من المواطنين والمقيمين الساعين لفعل الخيرات وكسب الدعوات، بما ينتابك بالغبطة والفخر لذلك الشعور النبيل، وأنت تشاهدهم يتسابقون في تقديم الخدمات التطوعية من السقاية والرفادة، بل حتى المساهمة الجادة في دفع عربات كبار السن في المطاف والسعي وإرشاد التائهين منهم بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ولا عجب إن قلت بأن ضمن هؤلاء المتطوعين أكاديميين ومهندسين وأطباء ورجالات تربية وتعليم، إضافة إلى طلبة الجامعات والمدارس، غير متناس لحواء بلادي دورها البارز والهام في تلك الخدمات التطوعية، لمساعدة بنات جنسها من المعتمرات والحاجّيات، والحديث يطول بتسابق الغني وذي الدخل المحدود، في المساهمة بالمال والجهد في سقيا الحجيج، و إن تحدثت عن رجال الأمن في جميع القطاعات المشاركة جاز لنا التفاخر لما نشاهده، لدورهم في مساعدة ذوي الحاجة والأطفال، إضافة إلى ما يقومون به في حفظ الأمن والسلامة المرورية، ليؤدي الحجيج نسكهم على الوجه المطلوب، ولكل ما سبق ولما تنفقه الدولة حفظها الله من الميزانيات الضخمة في توسعة الحرمين الشريفين لإستيعاب تلك الأعداد المهولة والمتزايدة في كل عام، جاز لنا التفاخر بين الأمم لنؤكد بأننا وبفضل الله تعالى وعونه، جديرون بخدمة ضيوف الرحمن على الوجه الذي يرضيه عنّا، حقاً.. إنهم كتلة من الأحاسيس في خدمة الحجيج منذ قدومهم حتى مغادرتهم بسلامة الله
0