خلال فترة زيارتي الأخيرة لمدينة القاهرة العاصمة المصرية العريقة، واتباعًا لقول عالم الفيزياء الألماني أينشتاين: “عند زيارتك لأي مدينة يجب أن يكون سؤالك الأول هو: أين المكتبة؟”.
وكعادتي في كل زيارة لهذه المدينة العريقة قمت بزيارة مكتباتها العريقة في وسط البلد، التي تحتضن المئات من العناوين لكتب المثقفين في مختلف المجالات العلمية والأدبية، وأجد فيها متعة القراءة، والعلم، والمعرفة وكما قال أحدهم: إن المكتبة أشبه ما تكون بالمطعم الذي يتم تقديم الطعام فيه على شكل ورقي يتم هضمه في العقل بدلًا من المعدة.
وأنا أجول في المكتبة بين العناوين، لفت نظري مقالًا شيقًا يخصُّ الحج إلى بيت الله الحرام، نشر في صحيفة اللواء المصرية الصادرة في 18 من شعبان عام 1323هـ، الموافق 17 من أكتوبر عام 1905م، قبل أكثر من 120 عامًا من وقتنا الحاضر على لسان بعض من الحجاج الجاويين الذين قاموا بأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام؛ أترككم مع ما جاء في مقال الصحيفة المصرية:
إننا معشر الحجاج من الجاويين تعودنا من قديم الزمان إذا وصلنا الي مدينة جدة أن نسأل عن أي شيخ من مشايخ الجاويين؛ ليكون دليلًا لنا فيما يتعلق بأمورنا في الديار المقدسة، فيقابلنا وكيل ذلك الشيخ أو هو بنفسه إن حضر، وينزلنا في منزله ويستأجر لنا الركائب إلى مكة المكرمة بما قسم الله، ويأخذ منَّا في مقابلة خدمته سكنا لمنزله وأجرًا مناسبًا، وإذا وصلنا إلى مكة المكرمة قابلنا ذلك الشيخ وأتباعه وهيأوا لنا منزلًا تُحَمل أمتعتنا إليه، وأضافونا يوم دخولنا، ويأخذون من كل واحد منا حق الضيافة ريالًا ونصفًا، ويخدموننا مدة لبثنا بمكة فيما نحتاج إليه، ثم يذهب بنا الشيخ إلى المدينة المنورة بنفسه أو وكيله، ويقوم بخدمتنا نظير أجر يتقاضاه منا كما أنه يقوم بكري الجمال اللازمة، ولا يزال على ذلك إلى أن نرجع إلى مكة المكرمة على أحسن حال، ثم يذهب بنا إلى عرفات، ويجهز لنا الطعام والخيام بلوازمها ويطعمنا يوم عرفة وأيام منى، ويأخذ على كل شخص منا ريالين للطعام والخيام والخدمة والمنزل في منى أيضًا، ثم بعد أداء المناسك ينزل بنا بنفسه أو وكيله إلى جدة، وينزلنا إلى الباخرة، ويأخذ منا صاحبها باسم (البخشيش) بضعة ريالات، ويبقى الأمر على هذا.
ونحن ننظر إلى الخدمات التي توفرها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان لمدن الحج والعمرة في وقتنا الحاضر، والتي مكنت الحجاج من أداء مناسك حجهم بكل أمن ويسر وسهولة، فإننا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يحمي بلادنا الغالية، وقيادتها وشعبها من كل سوء ومكروه.
0