تُعد مهارات الاتصال واحدةً من المهارات الأساسية التي يجب أن يتحلّى بها القائد، حتى يستطيع أن يؤثر في الآخرين، والرسالة الإعلامية الواضحة تحقق أهدافها وتصل بسرعة للجمهور، وفي حياتنا اليومية نتعرض للكثير من الرسائل بحكم تعرضنا للعديد من مصادر الأخبار.
وفي موسم حج هذا العام ١٤٤٤هـ، تابعت عددًا من التصاريح الإعلامية لأكثر من مسؤول يتحدث عن الاستعدادات والجاهزية، وعن الخدمات التي تُقدمها جهة عمله، ومن بين تلك الرسائل استوقفتني رسالتين ارتكزتا على ثلاثة عوامل (الثقة، القوة، الوضوح).
الرسالة الأولى كانت لمعالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان الدوسري عندما زار غرفة العمليات الأمنية الموحدة ٩١١، حيث قال: “نحن في موسم الحج تحديدًا لا ننقسم إلى وزارة الداخلية ووزارة الإعلام، ولكن كلنا نعمل من أجل هدف واحد، تسعى من أجله كل المنظومة الحكومية، وهو تحقيق أهداف القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين، وبإشراف مباشر من سمو ولي العهد، طوال الموسم الذي يعتبر هو أهم موسم بالمملكة العربية السعودية”.
عندما تسمع تصريح الوزير تشعر بقوة الرسالة الإعلامية التي نادرًا ما تكون بهذا الأسلوب المباشر، فقد استطاع الوزير سلمان بخبرته الإعلامية أن يخلق روح “التوأمة” بين قطاعين هامين (الداخلية والإعلام)، وأن تنصهر روح القطاعين في قطاع واحد بعيدًا عن العبارات المستهلكة.
أمّا بالنسبة للرسالة الإعلامية الثانية، فكانت لمعالي مدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية بالحج الفريق محمد بن عبدالله البسامي، في المؤتمر الصحفي لقيادات قوات أمن الحج، حين قال بصوت عالٍ أمام وسائل الإعلام: “لا يوجد لدينا أي تحديات في ظل الممكنات التي وفرتها لنا القيادة الرشيدة”.
عبارات وإن كان يراها البعض بسيطة إلا أنها تحمل معاني ومضامين قوية في الرسالة الإعلامية. رفع البسامي من روح القوات المعنوية وأشرك الجميع في المسؤولية، لم يختلق مبررات ولم يجعل لأحد عُذر في أداء واجبه، بهذه العبارة قصف البسامي كل “التحديات” وفجّر طاقات التحدي والإبداع لدى القوات، وهنا كشف مدير الأمن العام عن صفة من صفات القائد المحنك في ساحة الميدان.
علماء الاتصال والباحثون في الإعلام يؤكدون على أهمية وضوح الرسالة خاصة في المناسبات الكبرى، وليس هناك مناسبة عالمية بهذا الحشد الكبير مثل شعيرة الحج؛ لذلك علينا أن نفخر بأن لدينا قيادات على قدر المسؤولية، وتأتي تصريحاتهم وتحركاتهم على نفس قدر أهمية الحدث الجلل.
ختامًا…
كم من مسؤول التزم الصمت في مثل هذه المناسبات بداعي أنه لا يحب الظهور الإعلامي، وكم من مسؤول توارى عن أنظار الكاميرات، وحجب صوت منظمته عن وسائل الإعلام، وانعكست هذه الثقافة على سمعة المنظمة التي يعمل فيها، فخلقت لنا (متحدثين صامتين) وبيئة عمل نائمة تدار على طريقة “سكتم بكتم”، تحتاج من يوقظها (بتصريح) رنان، يهز الأبدان في أرض الميدان.
0