المقالات

الدَّولة السُّعوديَّة؛ عِمارةٌ للبيت الحرام، وعنايةٌ بضيوف الرحمن

جاء إعلان الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور/ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس عن صدور الموافقة الملكيَّة الكريمة على إطلاق اسم الرواق السُّعوديِّ على مبنى توسعة المطاف المحيط بالرواق العباسي تتويجًا لجهود الدَّولة السُّعوديَّة المُباركة في عِمارة المسجد الحرام، والتي بدأت منذ توحيدها على يد الإمام الموحِّد والملك المُؤسِّس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود -طيَّب الله ثراه- الذي أصدر أمره الكريم في العام ١٣٤٤هـ، بصيانة وترميم وتوسعة وطلاء المسجد الحرام، وقد اشتمل أمره الكريم: صحن المطاف، والمسعى، والمآذن، والقِباب، وصنع باب جديد للكعبة المُعظَّمة، وإنارة عموم المسجد الحرام، كما أمر -طيَّب الله ثراه- بإنشاء سبيلين لماء زمزم لسقاية ضيوف الرحمن بعدما رأى شدَّة الزحام على السَّبيل الوحيد الذي كان موجودًا في السابق.
وقد سار على هذه الخُطى أبناؤه الكرام البررة، فما أن يتولَّى أحدًا منهم مقاليد الحُكم في هذه البلاد المُباركة، إلا ويضع الحرمين على رأس أولويَّاتهِ واهتماماتهِ؛ ففي العام ١٣٧٥هـ ألقى أبو الخيرين الملك سعود -رحمه الله- خطابه التاريخي بالشروع في أعمال التوسعة السُّعوديَّة الأولى، والتي تضمنت بناء ثلاثة طوابق للمسجد الحرام وهي: الأقبية، والطابق الأرضي، والطابق الأول، كما أمر -رحمه الله- بتغيير سقف الكعبة، وتبليط أرضيَّة المسعى بالإسمنت، وتعبيد الطرق المؤدِّية للمسجد الحرام.
وقد اكتملت التوسعة التي بدأها الملك سعود -رحمه الله- في عهد الملك الشَّهيد -بإذن الله- فيصل، الذي أمر بإزالة البناء القائم على مقام إبراهيم -عليه السلام- ووضع المقام في غِطاء بلُّوري؛ لتوفير المساحة التي كان يشغلها البناء القديم، وقد كان ذلك في العام ١٣٨٧هـ، كما أمر -رحمه الله- بإنشاء مكتبة الحرم المكي الشَّريف، والبدء ببناء مصنع كسوة الكعبة المُشرَّفة (مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المُشرَّفة حاليًا).
وفي عهد الملك الزاهد خالد -رحمه الله- افتتح مصنع الكسوة، وأصدر أمره الكريم بتوسعة المطاف وتبليط أرضيته برخام مقاوم للحرارة جُلب خصيصًا من اليونان؛ مما زاد من راحة المصلين والطائفين، كما أمر -رحمه الله- في العام ١٣٩٩هـ بصنع باب للكعبة المُشرَّفة من الذهب الخالص، وصُنع باب للسُلم الداخلي للكعبة وهو الموصل لسطحها ويسمى “باب التوبة”، كما تمت في عهده أول عملية استكشافية لبئر زمزم.
وفي عهد أول من أطلق على نفسه -رسميًا- لقب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله- دُشنت التوسعة السُّعوديَّة الثانية في العام ١٤٠٩هـ، والتي تُعد أكبر توسعة للمسجد الحرام منذ ١٤ قرنًا، حيث اشتملت هذه التوسعة على إضافة جزء جديد إلى المسجد الحرام من الناحية الغربيَّة له يتكون من ثلاثة طوابق، وإحداث ساحات كبيرة محيطة بالتوسعة، حتَّى أصبح المسجد الحرام يستوعب ما يقارب المليون ونصف المليون مُصلٍّ، وقد صاحب التوسعة مشاريع جبّارة استُحدثت فيها السلالم الكهربائية وزيد فيها عدد مآذن وأبواب المسجد الحرام، واستُحدثت العديد من الخدمات التي يسرت على الحاج والمعتمر إتمام مناسكهم بكل يُسر وسهولة، كما أمر -رحمه الله- بإجراء ترميم شامل للكعبة المُعظَّمة، وكان ذلك في العام ١٤١٧هـ.
وفي العام ١٤٣٢هـ دشَّن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -رحمه الله- التوسعة السُّعوديَّة الثالثة، والتي استُحدث فيها مبنى رئيسي يتسع لثلاثمائة ألف مُصلِّ، وتتسع ساحاته الخارجية لمائتين وثمانين ألف مُصلِّ؛ لتبلغ بعدها الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام نحو مليوني مُصلٍّ، كما شملت أعمال التوسعة المسعى؛ ليصبح بعدها مكونًا من أربعة أدوار، كما أمر -رحمه الله- بإعادة بناء وتأهيل الأروقة المحيطة بصحن الطواف في كل الأدوار.
وفي هذا العهد الميمون، عهد الإمام العادل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ووليَّ عهده المُلهِم الأمين -حفظهما الله- تُواصل المملكة تقديم العناية والاهتمام بالمسجد الحرام، لهذا أصدر خادم الحرمين الشريفين -أيَّده الله- توجيهاته الكريمة باستكمال جميع التوسعات التي بدأت في عهد الملك عبدالله -رحمه الله-، كما دشَّن -أيَّده الله- في العام ١٤٣٦هـ خمسة مشاريع رئيسية مُلحقة بالتوسعة السُّعوديَّة الثالثة وهي: مشروع مبنى التوسعة الرئيسي، ومشروع الساحات، ومشروع أنفاق المُشاة، ومشروع محطة الخدمات المركزيَّة للمسجد الحرام، ومشروع الطريق الدَّائري الأول المحيط بمنطقة المسجد الحرام.
وفي إطار تحسين الشكل الحضاري للعاصمة المقدسة وتيسير الوصول للمسجد الحرام جرى البدء بمشروع “مسار مكة” العِملاق، الذي سيُحدث نقلة حضاريَّة في مكة المكرمة؛ يجعلها الوجهة الاستثمارية المُلهمة للمئة عامًا القادمة -إن شاء الله-، كما استُحدثت في هذا العهد الزاهر العديد من الخدمات وسُخَّرت أفضل التقنيَّات لخدمة ضيوف الرحمن، ولازالت -بفضل الله- مشاريع عِمارة المسجد الحرام، والخدمات المقدمة لضيوف الرحمن متواصلة ومتنامية تحقيقًا للرؤية المُباركة “رؤية 2030”.

– مكة المكرمة (شرَّفها الله)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى