بعد أن توحدت المملكة في عهد الملك عبد العزيز – رحمه الله-، توفر الأمن والأمان للحجاج بعد أن كانت حياتهم مُعرضة للمخاطر من قطاع الطرق؛ حيث تم القضاء عليهم وعلى الصراعات والفتن والاضطرابات فتوقفت عنهم عمليات السلب والنهب. كما قامت المملكة بتعبيد الطرق ووفرت وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية، وتحولت من وسائل نقل بدائية إلى وسائل نقل حديثة؛ فأصبح الطيران الوسيلة الأسرع التي تنقل الحجاج سريعًا إلى مكة المكرمة. هذا إلى جانب الطريق البحري للبواخر المعاصرة المجهزة بأحدث وسائل الراحة؛ لنقلهم عبر المحيطات والبحار إلى ميناء جدة الإسلامي بأعداد كبيرة دون عناء أو نصب، وأصبحت الطرق البرية للحافلات الضخمة والمكيفة والمزودة بالخدمات هي الوسيلة الحديثة؛ لنقل الحجاج عبر طرق سريعة مرصوفة ومحطات للاستراحات والتزود بالوقود والمواد الغذائية.
واستكمال البنية التحتية للحج والعمرة والعمل على جودة الحياة في الحج؛ وتنظيم إدارة الحج والعمرة بعد كانت لها مسميات متغيرة من مديرة مراقبة الحج، ثم إدارة الأوقاف ولجنة إدارة الحج إلى أن أصبحت وزارة الحج والعمرة، وازدادت أعداد الحجاج من الدول الإسلامية وغير الإسلامية.
ثم تأسيس مدينة للحجاج بالقرب من ميناء جدة الإسلامي، وتخصيص الأماكن لاستقبال الحجاج في المطار والمنافذ البرية للمملكة، واستمرت عملية التطوير بإنشاء مصنع لكسوة الكعبة المشرفة، وتلتها التوسعات الكبرى التي شهدها الحرمان الشريفان وغيرها من الإصلاحات الضخمة في المشاعر المقدسة منى وعرفات ومزدلفة بمليارات الريالات وبميزانية مستمرة سنويًا؛ لتطوير وتسهيل الحج والعمرة على ضيوف الرحمن كالتوسعة الكبرى لجسر الجمرات وبناء الجمرات بشكل مستطيل متعدد الأدوار؛ بحيث يمكن رجمها من عدة جهات لتخفيف الزحمة على الحجاج. وتم إنشاء قطار المشاعر المقدسة وتكامله مع بقية خدمات منظومة النقل، وما يتبعها من خدمات منظومة النقل والخدمات اللوجيستية التي تقدمها المملكة للحجاج لتسهيل عملية التفويج بين المشاعر ليتنقلوا بانسيابية ويسر وسهولة وفق معايير جودة عالية لتنقل آمن بدون ازدحام مروري.
“وجاء قطار الحرمين السريع الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود –حفظه الله – استكمالًا لجهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن والتيسير عليهم”. كما حدث تطور في المسجد الحرام بعدة توسيعات عبر كل ملوك المملكة منذ الملك عبد العزيز ومن تلاه من الملوك -رحمهم الله- إلى أن واصلت تلك التوسعات باستمرارها إلى عهد الملك سلمان لزيادة الطاقة الاستيعابية لأعداد المصلين المتزايدة. عبر مبنى التوسعة الرئيس، ومشروع الساحات ومشروع أنفاق المشاة ومشروع محطة الخدمات المركزية للمسجد الحرام.
وشهدت منظومة الحج والعمرة عدة نجاحات كبرى لسنوات متتالية ضمن تعاون مشترك وفاعل جميع الجهات الأمنية والصحية واللوجيستية. لتوفير فرصة الحج لأعداد مليونية برعاية مباشرة من خادم الحرمين وولي عهده الأمين -حفظهما الله-. عبر برنامج خدمة ضيوف الرحمن كأحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030؛ بهدف رفع مستوى الخدمات المقدمة لهم، وإثراء تجربتهم الدينية والثقافية. ثم تسهيل إجراءات الوصول للحج أو العمرة بإتاحة التأشيرات الإلكترونية للحجاج والمعتمرين من جميع الدول، وتمديد فترة موسم العمرة، وإطلاق مشروع حافلات مكة وتطوير المواقع التاريخية الإسلامية؛ وتسهيل قدوم المعتمرين من خارج المملكة عبر عدد من التأشيرات، كالتأشيرة السياحية عند القدوم إلى منافذ المملكة، والتأشيرة السياحية الإلكترونية، وتأشيرات الزيارة، وغيرها من التأشيرات الأخرى؛ بالإضافة إلى مبادرات وزارة الحج والعمرة عبر التطبيقات الإلكترونية كتطبيق “اعتمرنا”، و”بطاقات الحج الذكية”، و”مبادرة حج بلا حقيبة”، وكذلك “مبادرة طريق مكة” بالشراكة مع عدة جهات لتسهيل إجراءات دخول ضيوف الرحمن عبر المنافذ دون انتظار، وغيرها من المبادرات والخدمات الهادفة لتمكينهم من تأديتهم الفريضة بيسر وسهولة في أجواء إيمانية، ورفع سعة أعداد الحجاج والمعتمرين لعودة أعداد الحجاج إلى ما قبل كورونا حيث نصت رؤية المملكة 2030 في أحد أهدافها على استقبال أكثر 30 مليون معتمر في العام 2030.
ويتشرف الشعب والحكومة والقيادة بشرف خدمة الحجاج والمعتمرين؛ حيث اتخذ ملوك المملكة لقب (خادم الحرمين الشريفين) الذي هو أحب وأقرب إليهم. كما تمتاز قيادة المملكة للحج والعمرة بإدارة الحشود المتفوقة عالميًا بخبرة تراكمية ليست لدى غيرهم. وذلك لتوفر “القدرة التنظيمية والرؤية الواضحة للأهداف، والبذل وتخصيص الميزانيات الضخمة لكل موسم من مواسم الحج، وتجنيد الإمكانات البشرية والمادية لتسيير مواكب الحجاج بكل يسر وسهولة، والنجاحات المتوالية أكبر دليل حي على تلك القدرة والرعاية العالية التي تتميز بها عن الدول المتقدمة”.
ومن ضمن ما تتميز به المملكة دعوة ضيوف خادم الحرمين الشريفين التي تتجاوز 1500 حاج وحاجة، وكذلك دعوته 2000 حاج وحاجة من ذوي شهداء عاصفة الحزم والمصابين اليمنيين. هذا بالإضافة إلى إجراء عملية قسطرة وقلب مفتوح لحجاج الخارج وبلغت 270 عملية للحجاج في مدينة الملك عبد الله الطبية، وكذلك غيرها من الخدمات الإنسانية.
– عضو هيئة تدريس سابق – قسم الإعلام بجامعة أم القرى