حُقّ لكل مواطن سعودي أن يفخر ويعتز بانتمائه لهذا الكيان الكبير، ويبلغ هذا الشعور منتهاه مع كل موسم حج، وهو يرى المواطنين يتسابقون في خدمة ضيوف بيت الله العتيق بدءًا من رجل الدولة الأول خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وولي عهده الأمين وانتهاءً بأصغر مُشارك في خدمة الحجيج.
إن الكاريزما التي يمتلكها المواطن السعودي من كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وبشاشة المُحيا والاستعداد للتضحية بكل نفيس في سبيل نجاح مواسم الحج وإسعاد ضيوف الرحمن، أهلته بكل اقتدار أن يتبوأ هذه المكانة المرموقة التي يتمناها كل شعوب البلدان الإسلامية بلا استثناء. أكتب هذا وأنا أرى الشواهد الحية تتجدد كل وقت؛ فعلى الصعيد الرسمي تقدم الدولة خدمات جليلة قل مثيلها على المستوى التنظيمي والأمني والصحي، صارت محل إشادة حتى من بعض الكيانات التي لم نكن نتوقع يومًا ما أن نسمع منهم إشادة، والحق ما شهدت به الأعداء.
وخير ما يضرب به المثل هنا رجل الأمن العظيم الذي حمل على عاتقه إقامة النظام وتجاوز هذا الواجب؛ فرأيناه يُقدم أعمالًا ليست من صميم عمله تعكس أخلاق الكبار، والنماذج على هذا أكثر من أن تحصى أحدها لرجل أمن يحمل على ظهره شيخًا يجوب به الطرقات؛ ليصل به إلى الجمرات وثان يواسي أطفالًا فقدوا ذويهم وثالث يرش رذاذ الماء على الحجيج؛ ليخفف عنهم وطأة الحر الشديد. يقدمون هذا برحابة صدر ويختمونها بقبلات على جبين كبار السن من الحجاج تدل على عظيم التقدير والاحترام، ولا تجد أمام هذه الشواهد إلا أن تقف مندهشًا من هذه العطاءات التي تقدم من أبناء هذا الوطن عن رضا تام بما يصنعون إيمانًا منهم أن ما يقدمونه واجب ديني اختصهم الله تعالى به.
لقد أثبتت المملكة العربية السعودية عبر عقود أنها أهل لاحتضان المشاعر المقدسة والإشراف على رعاية الحجيج بما حباها الله تعالى من قيادة حكيمة وشعب عظيم ملتفٍ حول قيادته مؤمن إيمانًا راسخًا بالواجب المقدس الذي وهبه الله إياه؛ فكانت هذه النجاحات التي قل نظيرها تعبيرًا صادقًا لهذا الاستحقاق.
– أستاذ النحو والصرف بجامعة أم القرى