ظلت خدمة الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله الحرام ركن أساسي في المبادئ الأساسية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية منذ عهد التأسيس عندما سخر القائد المؤسس الملك عبد العزيز- يرحمه الله- كل إمكانيات بلاده من أجل تحقيق هذه الغاية النبيلة، التي ظلت تحتل أولوية مطلقة في السياسة الداخلية للمملكة العربية السعودية على مر السنين، بما بوأها مكانتها الراهنة كقائدة لعالمها الإسلامي، وكدولة رائدة في خدمة قضاياه والعمل من أجل تحقيق التضامن الإسلامي، ولقد ظل الحج منذ عهد التأسيس من أبرز وأهم وسائل التواصل بين المملكة والعالم الإسلامي؛ حيث ظل الحج إلى الأراضي المقدسة غاية وأمنية كل مسلمي العالم، ومهوى أفئدتهم ومحط آمالهم، وأصبح من الصعب حصر أعداد الحجاج والمعتمرين الذين ظلوا يقصدون البيت المعمور منذ عهد الملك عبد العزيز حتى الآن، وهذه نعمة منّ الله عليها على هذه الأرض المباركة وذلك الشعب الكريم الذي اختصه الله -عز وجل- بخدمة ضيوف الرحمن (ليَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)(الحج: 28).
وقد ظل إعمار وتوسعة الحرمين الشريفين، وتطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن غاية ملوك المملكة وشعبها وشغلهم الشاغل منذ عهد القائد الموحد حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان، اللذين وضعا العديد من البرامج والمبادرات التي تتعلق بالحج وتطويره وتوسيع خدماته، وبما يهيئ الأجواء المواتية التي تُتيح للحجاج والمعتمرين أداء الفريضة بكل سهولة ويسر حتى عودتهم إلى بلادهم، وقد منَّ الله عليهم بالحج المبرور.
وتلعب الخدمات التي تقدمها وزارة الحج والعمرة دورًا كبيرًا في خدمة ضيوف الرحمن، والتي تعتبر أحدثها الخدمات الإلكترونية وأبرزها منصة نسك التي تُقدم أكثر من 120 خدمة متنوعة مترجمة إلى تسع لغات، وإطلاق السوار الإلكتروني الذكي الذي يمكن الحاج من التنقل من خلال قطار المشاعر، والبطاقة الذكية التي تمكّن الحاج من التنقل داخل المشاعر المقدسة باستخدام وسائل النقل الحديثة عبر أسطول حافات يضم 20 ألف حافلة، تقدم خدمات النقل الترددي والتقليدي على 27 مسارًا مختلفًا.
وفي الجانب الإعلامي والتوعوي جنّد المركز الوطني للأرصاد طاقاته الإعلامية والتوعوية عبر مركز إعلامي يعمل على مدار الساعة لخدمة وسائل الإعلام والأجهزة الحكومية والأهلية؛ حيث يقدم برامجه التوعوية لحجاج بيت الله الحرام على مدار الساعة.
يعود حجاج بيت الله الحرام إلى ديارهم بعد أن يكونوا قد أدوا الركن الخامس من أركان الإسلام حيث تظل هذه الذكرى ماثلة في أذهانهم حتى الممات، وتظل مكة المكرمة والمدينة المنورة والحرمين الشريفين ومثوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مخيلتهم لا تُنسى عبر الزمن، وتظل تلك التجربة عالقة في أذهانهم تنير لهم طريق الهداية، ودروب الإيمان.
ولا بد من التنويه هنا بالمكرمة الملكية التي أصبحت سُنّة يستن بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ــ حفظه الله ــ من خلال إصدار أمره الكريم باستضافة (1300) حاج وحاجة من أكثر من 90 دولة في مختلف قارات العالم إلى جانب استضافة 1000 حاج وحاجة من ذوي الشهداء والأسرى والجرحي الفلسطينيين، لأداء فريضة الحج هذا العام ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين، وبما يقدم الدليل الساطع على ما تقدمه المملكة من عطاء لا محدود للأشقاء في كافة المجالات بما في ذلك منح الفرصة للرعايا المسلمين من كافة أرجاء العالم لأداء فريضة الحج، ولا سيما أبناء فلسطين من ذوي الشهداء والأسرى والجرحى.