قال صاحبي: تفاجأ مستخدمو “تويتر” بتحديد عدد مشاهدة التغريدات، وبدأ التكهن عن دوافع هذا الإجراء، خصوصًا بعد تضارب الأنباء حولها، ومنها ما نقلته إحدى القنوات التليفزيونية عن “أيلون ماسك” مالك المنصة، بأن الهدف يتلخص بصرف الناس عن قضاء وقت طويل مع أجهزتهم!!، وللتفرغ لحياتهم الشخصية، فهل ما ذكر من تبريرات هو الدافع الرئيس لتحديد عدد التغريدات، أم أن هناك دوافع أخرى لم يفصح عنها؟
منذ سيطرة المليونير الأمريكي على منصة “تويتر”، بدأت سلسلة من (المشاكل) التي أدت لتذمر المستخدمين، كتكرار تعطل “تويتر”، وإلغاء المصادقة إلا للحسابات الموثقة، وفرض رسوم على التوثيق، وتسريح أكثر من نصف عدد الموظفين وإغلاق حسابات الصحفيين الذين يقومون بانتقاده، بالرغم من قوله عندما امتلك زمام هذه المنصة: “أنه يأمل أن يظل أسوأ منتقدي على “تويتر”، لأن هذا هو ما تعنيه حرية التعبير”. هذه الخطوات أثارت الكثير من علامات الاستفهام حول هذه الإجراءات، ودوافعها، والتي ربما تقود لابتكار منصة أخرى أكثر مرونة، ومزايا، وقد تسحب البساط من هذه الوسيلة التي أصبحت متعجرفة وطاردة لروادها.
حتى الآن السبب الأكثر تكرارًا والذي يختبئ خلفه “تويتر” هو سطو بعض المنصات على بيانات هذه المنصة، والاستفادة منها في الذكاء الاصطناعي، القادم التقني المنتظر، والذي يُشكل رعبًا لجميع المنصات التي كانت تُعرف بالإعلام الجديد في يوم من الأيام، والشيء بالشيء يذكر، كنت ممن يتحفظ على هذه التسمية، وأرى تسميتها بالإعلام الرقمي، وعدم تسمية وسائل الإعلام – الصحف- الراديو- التليفزيون- بالوسائل التقليدية كما هو شائع، والصواب تسميتها بالوسائل الأصلية. فبعد توقف “تويتر” مؤقتًا عادت الناس لهذه الوسائل بحثًا عن معلومة، أو تسلية.
يبقى سؤال المليون التائه والباحث عن إجابة شافية، هل ما ذكرته إدارة “تويتر” من قيام لعدد من المنظمات بتجمع البيانات من “تويتر” بنسق شديد، لدرجة أنها عطلت الاستخدام العادي هذا هو السبب الحقيقي؟، ثم جاء اتخاذ هذه الخطوة لكبح جمعها للبيانات. نظريًا يمكن القبول بهذا الإجراء وما سبقه من إجراءات مالية، أو فنية، فالاستحواذ على الطائر الأزرق كلف “أربعة وأربعون مليار دولار”، ربما تفوق قيمته السوقية عند الاستحواذ، ولا بد من حماية هذا الاستثمار، وتنميته، وتحقيق العوائد الكثيرة منه، والذي يُعد العائد المادي أقلها قيمة!
بكل تأكيد لا يمكن تجريد “تويتر” من الانتماءات السياسية، وكونه أحد أهم مصادر المعلومات والبيانات عن جميع المستخدمين، الذي تقدر بعض الإحصائيات عددهم بثلاثمائة وسبعين مليون مستخدم نشط، من جميع الجنسيات، والأنواع، يغردون نصف مليار تغريدة يوميًا، هذه البيانات الضخمة، تحليلها يقدم الكثير من المعلومات التي تُفيد الجهات المالكة لها، ومن خلالها يمكن تسويق الأفكار والسلع، وتمرير المشروعات، والتواصل مع الرأي العام، وتخطيط أجندته، وصناعة رأيه، والأخطر هو تحويل هذا العصفور إلى وسيلة ضغط وابتزاز!
وهذا ما يدفعنا للقول بأن قوة الدول العُظمى لم تعد تقاس بالسلاح فحسب، بل صار للتفوق عناوين أخرى ومجالات مختلفة، وأصبحت تكنولوجيا الاتصال والإعلام من الأعمدة الرئيسة لقوة الدول وقدرتها على نقل ثقافتها والترويج لأيديولوجيتها، وكسب ولاءات خارج الحدود بحسب ما تمتلكه من إمبراطوريات إعلامية ومنصات اتصالية عابرة للحدود، وقادرة للترويج والدعاية بمهارة، وبطرق متعددة لمن يمتلكها أو يمولها. فهل تم تجنيد هذا الطائر؟!
الأيام القادمة سوف تكشف عن المزيد من الخطوات، فربما يتراجع “تويتر” عنها، وربما يقوم بعدد من الخطوات الأخرى، والتي قد تتجاوز المنظور التجاري، إلى المنظور السياسي، وربما تكون هذه الخطوة قالت لأيلون ماسك دعني.
قلت لصاحبي:
ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.
سياسة تويتر تغيرت وتغير معها كل شي اصبح المستخدم يدور على بديل