بقلم: محمد بربر
أسلمتني مشاعر الحجّاج في نمرة للحظة خارج تفاصيل الحياة، إلى هناك تشد الرحال، أتطلع إلى السماء فتحتويني، أبتسم وأنا بجوار حبيب الرحمن وصاحبيه الصديق والفاروق، أفئدة الناس حولي تهوي إلى هذا المكان، في فمي التسابيح وفي قلبي طمأنينة، أتمتم بدعاء أن يرزقني الله الوقوف في هذا الموضع، اشتقت إليه، أستفيق على خطيب “عرفة” وفصاحته فأستمع بإنصات.
في سمت العلماء، وبلاغة الأدباء، يلقي الرجل الذي أدهشني لسانه العربي المبين خطبة العام، لكنها في رأيي الخطبة الكافية للعالم الإسلامي، خصوصًا بعد أن أكدت مشاهد الحصار والفرقة والصراعات في السنوات الأخيرة على أن النزاع لا يخلق إلا الدمار.
جاءت رسالة العلامة الدكتور يوسف بن سعيد، خطيب “عرفة” واضحة وصريحة للمسلمين، لأن يد الله مع الجماعة، والاعتصام بحبله سبيل النجاة، يقول في خلاصة لا تحتاج إلى شرح أو إسهاب “وحدّوا صفكم”، وحقيقة كم نحن في حاجة إلى تطبيق هذه النصيحة التي جاءت في كتاب رب العالمين لنشيّد ونبني وننشر الدين والعلم والمعرفة.. لنعمر الأرض وما أعظمها من عبادة!.
عُدت إلى الشيخ الدكتور يوسف بن محمد بن سعيد، خطيب “عرفة” لأنني – كباحث لغوي – أهتم كثيرًا بخطباء هذا اليوم الجليل، فضلا عن بيانه وتبيانه خلال الخطبة التي قدّمها، باحثًا عن خطب ومحاضرات أنهل منها، وصدقًا أعطى الشيخ العلامة درسًا للأئمة والخطباء، أولا: لأنه يقدم درسًا مكثفًا يحمل الخير للناس دون إطناب ممل أو إيجاز مخل، وثانيًا: لأن بعض الناس يتطرقون إلى أمور فرعية تفرّق ولا تغني شيئًا، ألم أقل لكم إنه حذر من الفتن؟!
وللشيخ الدكتور يوسف بن سعيد مسيرة علمية وعملية حافلة، ففي أكتوبر من العام 2020، أمر خادم الحرمين الشريفين بتعيين نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور يوسف بن محمد بن سعيد عضوا في هيئة كبار العلماء.
وشغل الشيخ في وقت سابق منصب أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ورئيس اللجنة العلمية لندوة الانتماء الوطني في التعليم العام «رؤى وتطلعات»، وعضو لجنة فحص الرسائل بالجامعة لمدة 5 أعوام، وعضو مجلس عمادة البحث العلمي بالجامعة لمدة سنتين، وعضو مجلس عمادة الدراسات العليا وعضو اللجنة العليا لندوة شهداء الواجب وواجب المجتمع، ومحاضر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
كما شغل منصب وكيل قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأستاذ مساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ورئيس قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأستاذ مشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وللشيخ يوسف مشاركات في ندوات جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، وعدد من المحاضرات والندوات في مساجد الرياض وخارجها، إذ عمل على التعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية في مجال التدريس في دورات الأئمة والخطباء.
وحصل الشيخ على البكالوريوس من كلية أصول الدين بالرياض، والماجستير عن رسالته «المسائل التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية للإمام محمد بن عبدالوهاب ـ دراسة وتحقيقا وشرحا»، والدكتوراه عن رسالته «آراء الفرق الإسلامية في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ومنهجه في عرضها ـ الجهمية والمعتزلة».
وقد أشرف الشيخ على عدد من الرسائل العلمية ومناقشتها في عدد من الجامعات، منها جامعة الإمام، وجامعة الملك سعود، وجامعة أم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وكليات البنات التابعة لوزارة التربية والتعليم، وجامعة طيبة، وجامعة الدمام، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن.
ختامًا.. دعني عزيزي القارىء أقدّم الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ثم للمسؤولين في حكومة المملكة، فما رأيناه خلال هذا الموسم تمثل في براعة مذهلة في إدارة الحشود، وتوفير الأمتعة والأطعمة والأشربة والراحة لضيوف الرحمن، دون تزاحم أو تقصير، وسبحان الله الذي انتقى المكان وجمع القلوب عليه.