الارتقاء بالمنظمات هو ارتقاء بموظفيها، كما أن الارتقاء بالموظفين يُعد ارتقاءً بالمنظمات، بحكم طبيعة التداخل والتكامل بينهما، وتتعدد طرق الارتقاء بالموظفين؛ لتحقيق أهداف المنظمة العامة والخاصة، فقد يطلب الأمر اكتساب خبرات متجددة من خلال الانتقال الدوري بين الموظفين، والذي قد يكون كل أربع سنوات، أو كل عام حسبما تراه المنظمة ويخدم مصالحها، ويكون هذا الانتقال بهدف تأهيلهم وإعدادهم كصف ثانٍ من القيادة، والتخلص من الجمود التنظيمي باقتصار المناصب القيادية في مستويات الإدارة العُليا.
فإعادة النظر في دور الموظف الذي هو اللبنة الأساس في دورة حياة المنظمة، من أهم الطموحات التنظيمية اليوم التي صارت تتعامل مع مستجدات متلاحقة تتطلب من الموظف التفاعل البنّاء، ليجابه المشكلات التي تتحداه عن طريق تحسين الكفاءة النوعية للكوادر البشرية، ورفع قدراتهم بتبني أساليب التأهيل والتدريب المستمر، والتي تتفق مع أهداف التدوير الوظيفي.
هذا المصطلح الذي قد لا يروق لكثير من الموظفين إلا أن استبدال عبارة “موظف تقليدي” بـِ “كان هنا ورحل”، من خلال التدوير الوظيفي الذي يؤدي إلى القضاء على البيروقراطية والروتين في أداء مهام ووظائف المنظمة؛ حيث إن بقاء القائد في منصبه لمدة طويلة يجعله يشعر بالملل، وبالتالي الوقوف أمام التطوير المنشود في المنظمات من خلال ضخ دماء جديدة تُسهم في تطوير المنظمات والقضاء على الرتابة والملل.
كما أنه يدعم التوجهات الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية في القضاء على الفساد الإداري، والذي قد ينتج عن بقاء الموظف في وظيفته لفترة طويلة؛ حيث إنه كلما زاد بقاء الموظف في وظيفة ما زاد إلمامه بأسرارها، وتتضح أمامه ثغراتها التي قد يستخدمها لخدمة مصالحه الشخصية، وبالتالي يتضح ضرورة التأكيد على التدوير الوظيفي في المنظمات.
ومن منظوري الخاص، أرى أنه هناك عدة طرق تضمن تطبيقه على الوجه الأمثل، والاستفادة من مزاياه، وتتمثل في إنشاء وحدة خاصة بالتدوير الوظيفي داخل كل منظمة، من مهامها تحديد الإجراءات والمعايير وآلية التنفيذ بما يُناسب مع الوصف الوظيفي لكل وظيفة، على أن تكون معلنة لجميع الموظفين؛ ولأن هناك مقاومة للتغيير داخل المنظمات وبخاصة للتدوير الوظيفي، فلا بد من نشر ثقافة التدوير الوظيفي وبيان مميزاته ومساهماته في تحسين مهارات العاملين والارتقاء بمستوى أداء المنظمة، وأن ليس القصد منه الإضرار بالعاملين، وخلق حالة من الولاء داخل المنظمات، ما يكفل استعداد العاملين لخدمتها في أي موقع على الهيكل التنظيمي كان، مع عدم إغفال إشراك العاملين في تحديد مدة التكليف المناسبة للبقاء في كل وظيفة.
#اماني_عواجي