المقالات

الحياةُ حلوة

فضلًا من الله ونعمة أن يصل الواحد منّا إلى الستين أو السبعين من العمر، وهو لا يزال سليم الذاكرة صحيح القوام، يستطيع أن يقف ويجلس ويؤدي الفرائض اليومية، ويتحرك في حدود استطاعته لزيارة الأقارب والأصدقاء.

صحيح أننا بلغنا من العمر عتيًا لكن لازال في العمر بقية، ويجب أن نعمرها في أعمال الخير، ونتفاءل بكل ما يمدنا بطاقة إيجابية لتستمر الحياة.

والدنيا تجارب وخبرات ومعارف، وعليك أن لا تقلق من شيء في هذه الحياة؛ فهي لا تسوى عند الله جناح بعوضة، ولا تأبه بكلام المحبطين والمثبطين.

واعلم أن الناس أجناس بعضهم مثل الألماس، والبعض الآخر مثل النحاس لكن ترفق بهم وعاملهم بما تحب أن يعاملوك به وتغافل، واقبل العذر ولا تدقق كثيرًا وكما قيل: (طنش تعش تنتعش).

إن أردت السعادة لا تقف عند كل محطة، ولا تجعل من كل موقف معركة، ولا تدقق على من حولك، ولا تنبش ما غُطّي، ولا تفتح ما أُقْفِل، ولا تُداهم النوايا، ولا تحرص على معرفة كل التفاصيل،
‏خُذ من الناس ما ظهر لك منهم من خير، ولا تنبش عن عيب، دع الخلق للخالق ودع الحياة تسير.
‏⁧‫
عِش حياتك واستمتع بكل لحظاتك، واهتم بنفسك أكثر من اهتمامك بمن حولك؛ خصوصًا في هذه المرحلة العمرية؛ لأنك كلما أوغلت في الاهتمام بما حولك سيكون ذلك على حساب نفسك وسعادتك وعمرك بكل تأكيد.

هي دنيا، كبرنا وكبر معنا كل شيء، ورحل بعض الأصحاب وبعض من نحب، وفقدنا بعض أحلامنا، نعم كبرنا وعرفنا أن المظاهر خداعة، وتعلمنا أنه ليس كل ما يلمع ذهبًا، وأن حبل الكذب قصير.. صرنا نعرف من يضحك علينا بل ونتركه يصدق نفسه بأنه استغفلنا، صرنا نعرف متى نسامح ولا ننتقم، ومتى نتغابى ومتى نعديها بكيفنا، وتعلمنا ألا ننتظر أي شيء من أحد، ولا نتأمل بأحد، بل تعلمنا كيف نكتفي بأنفسنا، تعلمنا متى نثق وبمن نثق.

قد تصل إلى مرحلة من عمرك لا تستطيع الحفاظ على كل معارفك بنفس القرب السابق؛ حسبك استبقاء أصل الود، وترطيب العلاقة في المناسبات، وجعلهم في مدارات قريبة دافئة؛ لا تستطيع نضوج القرب، ولا يرضيك صقيع البُعد”.

يقول الدكتور غازي القصيبي -يرحمه الله-:
‏(كُلما زاد العمر، أيقنا أن تلك الحياة لا تستحق كل هذا الألم، ترحل متاعب وتأتي غيرها، تموت ضحكات تُولد أُخرى، يذهب البعض يأتي آخرون ، مُجرد حياة).

لذلك الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا أو في تغذية روح العداء بين الناس.

اصنع من أيامك نوافذ فرح تطُل منها متى ما شئت، املأ فراغات اليأس بالنجاحات المُبهرة، واملأ حياتك بالذكريات الجيّدة.

اقتنع وأقنع نفسك وأصدقاءك أن الحياة حلوة تستحق أن تستمتع بجميع ما فيها ثم اعمل لدنياك؛ كأنك تعيش أبدًا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا.

– كاتب رأي ومستشار أمني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى