تُصافح أو تُسامح أو تُصالح أو حتّى تبعث من أعماق الجمل عذب الحروف على أمل التجاوز والسماح ففي كل الأحوال تاه النقاء، وتأخر الوقت كثيراً وضاق المكان على اتساعه. ارحل حيث تشاء فلا طعم لوداع لم يسبقه صفاء، ولا لون لوداع لم يتقدمه بذل ولاسخاء، ولا أمل بوفاء لم يرافقه وفاء، كان هناك متسعاً للوقت لكل من حولك فلم تبادر، كان هناك حيزاً من العطاء لكل من تفاءل بقدومك فلم تحسن الظن بهم، كان هناك أمل كبير لكل من حُرِم ومُنع بلا سبب من طرف آخر فلم يجدوا هناك فرق يُذكر فالوجوه تشابهت في نفس الأماكن، ارحل ودع التاريخ الصادق يتحدث ثم هو عليك يحكم، ارحل فلم يعد هناك مجالاً للمحاباة فقد كُشف غطاء الوجه الخجول، ارحل فلم يعد هناك خوفاً من حديث عميق النفس وحروف الهمس ويستطيع المرء أن يقف؛ ليتكلم. فلا ترجو حروف الوداع فقد جفت معظم أحاسيسها، ولا تأمل في كلمات الفراق أن تشفع فلم تحرك أي ساكن في نفوسهم، أو تُسكن متحرك في مشاعل أذهانهم ،ولا تصدق أن يصفح الجميع عنك فقد جرحت أنفسهم بغليظ الكلام عندما كنت تجلس في المكان العابر في ظل المكانة الزائفة. فلم تتعظ ممن سبقك وستكون العبرة لمن يخلفك فهذه الحياة عبرة وعظة لمن يعتبر.
إن الألم الذي يصدر من جوف المعاناة لا يشعر به إلا من اكتوى من ذات وخز الجرح، فالنفس البشرية في حقيقتها ماهي إلا مشاعر وأحاسيس تطوف حولها السعادة المرجوة، والسعادة في حقيقتها أيضاً هي ما تقدمه للآخرين بحب وصدق عقب تجاوز العقبات التي تواجههم، وتخطي جميع التحديات المفروضة. وفي الواقع عند قدوم شخص ما مكان شخص آخر راحل تبدأ تباشير التفاؤل والأمل تلوح في آفاق النفس المتلهفة وكأن الذي حل أجمل من الذي رحل وهذا للوهلة الأولى وبعد التجربة يتضح أن الكأس صُب من معين واحد متشابه في مكوناته المختلفة إلى أبعد حد، وأن لا فرق بين من حل وبين من ارتحل إلا في اختلاف الأسماء وبطبيعة الحال التجربة خير برهان في كل وقت وحين، إضافة إلى الفرق فقط في الشعارات البراقة عبر الكلمات المزركشة عند بدء المهام فتسمع من الوعود الشيء الكثير من عبارات مملة مستهلكة؛ لتذهب للأسف بالمتفائلين، بل في بعض البسطاء إلى مدى بعيد من الفرح والرغبة تحقيق الآمال ولكن يظل المنجز المأمول مكانك سر وبلا أي تفسير مقنع، أو منطق مفهوم وهكذا حتى يأتي يوماً ولعله غير بعيد من يعلم ويعمل دون أن يتكلم خلاف من يتكلم وليته يلتزم بمايقول ! فأصحاب العزم والهمة متواجدون على ناصية الحياة وفي انتظار نيل الثقة.
ماشاء الله تبارك الله
كلام بليغا، لا يحتاج لشرح وتوضيح.
زادك الله من فضله