المقالات

رحلة إلى (بومبي) و(مزارع الليمون)!!

في رحلة مدتها ثلاث ساعات ونصف من مدينة (إسطنبول) التركية إلى مدينة (نابولي) الإيطالية، ومنها إلى مدينة (فيكو كوينسي) الساحلية الجميلة في جنوب إيطاليا بمقاطعة (سيانو) القريبة من مدينة (سيرينتوا) المطلة على البحر، والمليئة بالسياح من جميع الجنسيات.
مكان الإقامة فندق (أنجيري)، يقع على ربوة مطلة على البحر، ويبعد عن مدينة (سيرينتوا) حوالي عشر دقائق بالقطار الذي يربط بين مدن الساحل الإيطالي بتذاكر مخفضة حوالي اثنين يورو للشخص الواحد، ويمكنك الصعود إلى القطار بعد شراء تذكرة إلكترونية عن طريق الأجهزة المنتشرة في مدخل المحطة. وسط مدينة (سيرينتوا) تنتشر فيه المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم وأماكن بيع الآيس كريم؛ وخاصة بالليمون التي يشتهر به هذا الجزء من إيطاليا.
في اليوم الثالث من الرحلة، قمنا بجولة في مدينة (بومبي) التي تقع على سفح جبل بركان (فيزوف)، وهي مدينة (رومانية) قديمة، كانت مزدهرة، شوارعها مرصوفة بالحجارة، وتشتهر بالحمامات العامة، وشبكات المياه التي تصل إلى المنازل، وتمتاز بوجود المسارح والأسواق، وكانت على مستوى عالٍ من التطور خاصة بالرسومات والنقوش على الجدران.
يسكن هذه المدينة حوالي عشرين ألف أغلبهم من الأثرياء ومن هواياتهم مبارزة الحيوانات المفترسة، وقتل العديد منهم بسبب هذه الهواية. لم يبقَ حاليًا من هذه المدينة التي اشتهرت بالرذيلة سوى آثارها، فقد دُمْرت بالكامل بسبب ثوران بركان عام 79م، الذي طمرها بالرماد لمدة (1600) عام، حتى تم اكتشافها في القرن الثامن عشر.
في اليوم الأخير من الرحلة، قمنا بزيارة مزارع الليمون المنتشرة في أطراف مدينة (سيرينتوا)، في السابق لم يكن لدى أصحاب تلك المزارع أي معرفة بشجرة الليمون وكانوا تعتبرونها من أنواع الزهور، لغاية وصول مجموعة من الصينيين والهنود إلى تلك المنطقة في القرن الثالث عشر، الذين قاموا بزراعتها، والملفت طريقة تلقيح شجر البرتقال بأفرع من شجرة الليمون لتنمو الأشجار بطريقة جميلة، بحيث تكون بعض أفرعها من الليمون والأخرى من البرتقال، وهناك الكثير من المزارع التي تصدر إنتاجها لمدن الجنوب الإيطالية. من أجل ذلك ترى فاكهة الليمون في كل ركن من أركان مدينة (سيرينتوا)، لدرجة أن هناك مثلًا مشهورًا عندهم يقول: “اطلب ما شئت ستحصل على الليمون”.
كان من ضمن برنامج الرحلة وجبة غداء إيطالية جميلة مكونة من بعض الأطباق الإيطالية مثل: البيتزا، والباستا، والمسكعة، وزيت الزيتون (عشرة أولى) والذي يفضل تناوله مع السلطات وليس في عملية الطبخ -والكلام لصاحب المزرعة-.
بعد انتهائنا من الرحلة الممتعة والتي استمرت لأكثر من سبع ساعات، لم نتمكن من العودة إلى الفندق بسبب إضراب سائقي القطارات، وكان الإقبال كثيرًا على مركبات الأجرة بسبب الإضراب، ولأن تطبيق (أُوبَر) لا يعمل في المدينة، قمنا بدفع مبلغ (150) يورو لتوصيلنا للفندق الذي يبعد حوالي عشرة كيلو مترات من وسط المدينة، في حين أجرة التوصيل تكون في العادة في حدود (40) يورو.
كانت الرحلة ممتعة، تعلمنا منها الكثير، وصدق ابن خلدون حين قال في مقدمته: “الرحلة إلى خارج الأوطان هي مزيد كمال في التعلم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى