المقالات

تاريخ قدوم ومغادرة

(مكتوب) تاريخ ميلاده كذا و(لنقول مجازًا إنه كان عام 1370هـ الموافق لعام 1950م).

و(مكتوب) إن اسمه (فلان)، ودعونا نختار له مجازًا اسم (جابر)؛ حيث فرح به والده ووالدته وأهله كثيرًا.

– يُقال؛ إنه عندما بدأ يُدرك الحياة كان أقصى طموحه أن يحمل حقيبة دراسية، ويذهب للمدرسة مثل أخيه (سالم)، وعندما وصل للصف السادس الابتدائي، كان أقصى طموحه أن يتخرج مثل ابن عمه (ناصر) من الثانوية، وعندما تخرج من الثانويه كان أقصى أمله الدخول للجامعة مثل ابن جارهم (مرزوق) ثم ارتفع طموحه؛ ليكون له وظيفة مثل صديقه (محسن)، ومن بعدها أصبح لديه تجارة وزوجة وأبناء إضافة للوظيفة.

– (يقولون) إنه دخل دخولًا قويًا لعالم التجارة والعقار، ورزقه الله بأبناء وبنات وعقارات، وشركات تطوير عقاري.
وفي تاريخه يؤكدون أنه نجح في مضاعفة رأس ماله لأضعاف بلغت خمس مرات خلال عشر سنوات، وقد بنى له قصرًا في عاصمة دولته وقصورًا في منتجعاتها بل اشترى بيتًا في مصر، وشقة فخمة في دبي وأخرى في لندن ورابعة في باريس والخامسة في إسبانيا.

– (مكتوب) أن في يده ساعة تبلغ قيمتها عشرات الآلاف من الدولارات، ولديه سيارات فارهة وخدم وحشم، وأرصدة بالريال والدولار واليورو والين بلغت مئات الملايين، وأصبح ضيفًا مهمًا على اللقاءات الإعلامية الاجتماعية والاقتصادية والعقارية والتجارية؛ مما جعل المجتمع يضيف له لقب الشيخ (جابر)، وأصبح مكانه محجوزًا في صدور المجالس حتى لو جاء متأخرًا؛ فالناس عندما يشاهدونه يعملون له مكانًا في صدر المجلس من خلال تحرك أحدهم من صدر المجلس يمينًا أو يسارًا، ومن ثم يتحرك الحضور من بعده، وهكذا حتى إنك تجد أن من كان جالسًا في آخر الصف (وهو من حاله في شأنه) قد ترك المجلس وذهب المختصر (مهما كان علمه وعمله)! ولو سأل نفسه لماذا أصبحت خارج المجلس؟ فتأتيه الإجابة (لأن الشيخ جابر) وصل المجلس.

– في تاريخه يقولون: إنه شعر ذات يوم بصداع شديد وإنهاك بدني في جسمه (بشكل مفاجئ)؛ فاتجه إلى الطبيب الخاص به وبعد الفحوصات وجدوا (مكتوب) في تقرير الطبيب أن لديه (ضغط وسكر) ومشكلة في نبضات وكهرباء القلب وإن وضعه الصحي خطير، وهنا أصبح أقصى أمله وطموحه أن يتعالج وتعود عليه صحته فقط تاركًا تجارته يديرها أبناؤه ومن اختارهم لقيادتها، واستمر في مراجعة أكبر المستشفيات في بريطانيا وفرنسا وأمريكا وآسيا طلبًا للعلاج.

– عمره في جواز سفره (تجاوز الـ 70 سنة) وبعد الفحوصات قال الأطباء (ليعود لبلده ويعيش بقية عمره مع أبنائه)!!، عندها أدرك أن كل ما عمله طوال حياته، وما كُتب عنه في الإعلام والمجتمع، وفي الحسابات البنكية من أرصدة باسمه أصبحت (بالنسبة له) لا تساوي دقيقتين من الأكسجين الذي يتنفسه من خلال الأسطوانة التي أصبحت رفيقة دربه !!.

وهنا تذّكر (بعد فوات الوقت) حقيقة أن كل تجارته وماله وأعماله (مكتوبة) في سجلاته من خلال المَلكين المرافقين له (رصدٌ شامل ومنها ماله سواء كان ريالًا أو درهمًا أو جنيهًا أو دينارًا أو دولارًا أو يورو أو غيرها) وهل دخلت في تلك الحسابات بطريق مشروعة أم لا؟ وهل هي حلال أم حرام؟

– وفي الأخير غادر الدنيا؛ ليلقى وجه ربه حيث قام أبناؤه وأهله وعزوته وجماعته وأصحابه بالحزن عليه، وبالرغم من محبتهم له فقد نفذوا الحقيقة التي يكرهها الجميع، وهي (دفن جثته) تحت التراب وغطوه بالتراب، وأقاموا له العزاء ثلاثة أيام، وقامت الصحافة والإعلام بنشر خبر المغادرة والتعازي.

– بعد أيام قام أبناؤه وبناته بتقاسم تلك الثروة والعقارات؛ حيث (يقول إمام مسجدهم ويؤكد أن مال الورثة حلال عليهم)؛ لذا فقد بدأوا بالاستمتاع بنصيبهم من المال والعقار، وبدأوا دورة حياة جديدة.

إضاءة:
بالرغم من سيرة المال والجاه والأعمال؛ فإن هناك (شخص ميت اسمه جابر) لكنه تحت المساءلة المباشرة (منذ أن دُفنت جثته في القبر) عن ذلك المال والعقار (من أين جاء وكيف جُمِع) ؟

الخاتمة :
جميع معارفه الآن متيقنين أن (جابر) وُلِدَ وليس معه مال وغادر الحياة تاركًا ما جمعه من مال وإنه الآن يُحاسب على كل ذلك المال.

فهل من مُعتبر؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى