ستبقى مكة المكرمة علمًا من أعلام الدنيا، بل هي العلم الذي لا يُماثله أي علم، وقد سماها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بأكثر من لفظ؛ منها “مكة” التي لم ترد في القرآن الكريم إلا مرة واحدة، وذلك في قول الله -عز وجل-: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}، (سورة الفتح: 24).
ومكة المكرمة ذكرت مرة أخرى بلفظ “بكة” في قول الله -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}، (سورة آل عمران: 96).
هذا وقد ذكرت مكة المكرمة أيضًا في القرآن الكريم بألفاظ أخرى (كأُمّ الْقُرَى) في قول الله -عز وجل- في كتابه الكريم: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ}، (سورة الأنعام: 92)، وفي قوله -جل جلاله- في كتابه الكريم: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) {الشورى: 7}.
وذكرت مكة المكرمة أيضًا بلفظ “البلد الأمين” في قول الله -عز وجل- في كتابه الكريم: (وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) (سورة التين: 3).
وفي النملِ يقولُ الله تعالى مُخبرًا رسولَهُ وآمرًا له أنْ يقولَ: ((إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ)) [النمل:91، 92].
وهذهِ البلدةُ هي مكةُ المكرمةُ التي حرم الله سبحانه على خلقه أن يسفكوا فيها دمًا حرامًا، أو يظلموا فيها أحدا، أو يصاد صيدها، أو يختلى خلاها.
وجاءت مكة المكرمة كذلك بلفظ (بيت الله المحرم) كما جاء في دعاء إبراهيم -عليه السلام- بقوله: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) (إبراهيم:37).
وجاءت مكة بلفظ (مَعَاد) كما روى البخاري عن ابن عباس -رضى الله عنهما- أنه قال:( لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) إلى مكة، وهناك أقوال أخرى في تفسير معنى مَعَاد؛ منها قول أبي سعيد الخدري الذي قال: المعاد، الموت، وقول الحسن والزهري: هو يوم القيامة، ولكن الذي اعتمده المفسرون هو قول ابن عباس -رضى الله عنهما-، وإنما أطلق(المعاد) على (مكة) لأن العرب كانت تعود إليها في كل سنة، لمكانة البيت فيها. اللهم زد بيتك الحرام تشريفًا وتعظيمًا، وهيبةً وإجلالًا، وزد من حجه وعظَّمة هدىً وصلاحًا، وزد من قام على خدمته وهيأه للحجاج والمعتمرين توفيقًا وتسديدًا.
0