نص (عري) للكاتب والناقد محمد البنا:
ذاع صيته في أنحاء المعمورة كفنانٍ ضرير ، وجد فيه ضالته المنشودة، فأتى إليه بزوجته كي يرسمها ….لما تسلم اللوحة دهش لبراعته في إبراز أدق تفاصيل جسدها!
القراءة النقدية بقلم الناقدة والكاتبة ريم محمد
بقراءة هذا النص قراءة متفحصة نحصل على ثلاثيات:
مبصر / متبصر/ جامد _____ الزوج / الرسام/ الزوجة
جاهل متصنع / عارف قوي / أداة _______ الزوج/ الرسام/ الزوجة
في البداية كانت العلاقة : مبصر متصنع / رسام منغلق / زوجة
ثم أصبحت الثلاثية : مبصر أعمى خاسر/ رسام متحذلق فائز/ زوجة أداة
عندما تنتصر البصيرة على البصر بسبب تغافل المبصر وغبائه سيخسر وكثيرا ..
الزوج الجاهل الذي يقلد تصرفات الغير ( ليس عن قناعة بل لينال الطمأنينة) سيسقط في شرك التقليد لتطفو عندئذ تلك المساوئ التي تغافل عنها بحتمية قناعته بامتلاكه البصر وهو للأسف لم يكن متبصرا …
وفي تخريجٍ آخر للنص يمكننا هنا الإشارة إلى ما جبلت عليه القرون الوسطى من عادات ومنها عادة رسم الفنانين لزوجات وبنات الملوك، وهذه عادة وقتئذ تدل على الانفتاح والتحضر والترف والثراء، ولا يقدم عليها إلا كل متحضر قولاً وفعلاً..
الزوج أمسك بالعادة وامتلك الأرادة لكنه أرادها ولم يردها في الوقت ذاته، فهو غيور محب لزوجته، ويتحاشى أن يرى جمالها رسام مبصر، لذا بحث عمن يرضي قناعته ويأمن جانبه ليلبي رغبته ورغبة زوجته،؛ يرسم زوجته ليثبت تحضره او طاعة وارضاء لرغبة زوجته أن تُرسم / اختار الأعمى وتفاجأ مندهشاً ببصيرته …
من الخاسر هنا؟ ( الزوجة والزوج لاحقًا )
من الفائز؟ ( الأعمى البصير).
__________________
التقنيات المستخدمة في النص:
————————————-
ابتداء بالعنوان الصادم ( عري) الذي يدفع للبحث ويفرد مجالا أوسع للخيال
عري ماذا؟
والمعروف عن العري هو الفضح / الكشف عن المستور/ الحقيقة التي لاتحمل أوجهاً تستتر بها …
ثم بالانتقال إلى المتن
استعمل الكاتب مفردات قوية أتت كأفعال بالزمن الماضي ثم المضارع لتعطي الاستمرارية مع الدهشة بكل انتقال
بعد العنوان طبعا
عري : عنوان قوي صادم
*ذاع :والذيوع هو الانتشار الذي لايحده حد .
وجد/ أتى / يرسمها/ تسلّم/ دهش/ إبراز / …
ذاع هنا قابلتها / دهش حملت نفس السرعة والقوة التعبيرية كطلقة أتت في الصميم فحررت النص وأشاعت فكرته..
العري / قابله إبراز أدق التفاصيل
السؤال هنا
ترى من الذي يستطيع إبراز أدق التفاصيل؟
هنا هذه العقدة العبقرية ( فنان أعمى قادر وذائع الصيت تحصل على موهبة فريدة باستعمال غباء البعض وتسليمهم ( الزوج هنا) لنيل غايته …
“دهش لبراعته في إبراز أدق تفاصيل جسدها “
الزوجة هي العرض وبالثقافات القديمة الأم والزوجة والأنثى بشكل عام تمثل الأرض ( روح الحياة ) أن يستأمن الزوج عرضه لأي كان وبأي غرض ذاك منتهى الغباء حتى لو كان تقليداً يمارس ( بغض النظر عن نجاعته)
وأن يعرف الآخر أدق التفاصيل عن هذه (الروح / المرأة ) فذاك فشل إضافي يضاف لحمق وجهل الزوج
الفكرة مبتكرة والمعالجة رائعة والأسلوب مشوق مميز.