المقالات

مواقف عابرة

في حياتنا اليومية نُصادف العديد من المواقف المُفاجئة، والتي تتطلب التعامل معها بهدوء، والتصرف بحكمة وعدم إزعاج الآخرين، والحقيقة لم أكن أرغب في كتابة هذه المواقف لولا الموقف الذي حصل في أحد المساجد أمس، وقد يكون مألوفًا في نظري لولا ردة فعل بعض المصلين الذين بالغوا في تعاملهم معه.
بعد الانتهاء من صلاة العشاء وقبل خروج المصلين من المسجد، وإذا بأحدهم وجد (قط) بجانب المكيف في طرف المسجد فاقترب منه فاختبأ القط خلف المكيف الطويل، وإذا بالرجل يضرب المكيف بيده فأحدث صوتًا جعل الكل يلتفت إليه ثم يتحرك نحو القطو يمنة ويسرة؛ فأصبح المصلون يتابعون الموقف بحماس، ثم ضرب جرم المكيف بقوة فخرج القط مسرعًا داخل المسجد، حتى جعل الجالس منهم يقف على قدميه متفاعلًا مع الموقف، لم يجد القط مخرجًا وضل طريق الباب؛ فذهب للزاوية التي على يسار الإمام فتجمهروا حوله، مما جعل كبار السن يقفون معهم، فقام رجل منهم متكئًا على عكازه يراقب الموقف وإذا بمصلي آخر اقترب منه، وأخذ العكاز منه وكاد يطيح ، واتجه صوب القط، ويده ترتعش خوفًا من ردة فعله، وفي الجانب الآخر مقيم باكستاني أنزل العمامة من فوق رأسه و(يهش) القط من بعيد، ونصف جسمه نحو الجهة المقابلة مستعدًا للهروب، والأطفال الصغار هربوا للجهة المقابلة، فقام أحدهم بفتح الباب ونادى القط بعبارة لا تكتب قالها بلسانه(…) وإذا القطو يخرج بهدوء، وتنفس المصلون الصعداء.

الموقف الثاني
في نفس هذا المسجد وأثناء خطبة الجمعة حصل موقف مفاجئ، وكان عبارة عن عُطل في الساعة الحائطية المرتفعة؛ إذا صدر منها صوت المنبه ويبدو أنه (علّق) واستمر الصوت والإمام يخطب وكان مزعجًا نوعًا ما للمصلين الذين في الصفوف الأولى. الساعة مرتفعة ولا يستطيع أحد الوصول إليها، فقام أحد المصلين ذو شعرٍ طويل، وصعد على المكتب الذي يلقي من خلاله الإمام الدروس اليومية بعد صلاة العشاء، فانصرفت أعين المصلين نحو (البطل) وانشغلوا عن الخطبة، ومد يده نحو الساعة وباقي تكة ويلحقها فقفز قفزة عالية مثل ارتقاء (كريستيانو رونالدو)؛ فمسك بالمحوَّل وفصله من الفيش وانقطع الصوت، ونزل وابتسامة النصر على محياه؛ وكأني أسمع نفسه تحدثه (تكبييييير).

الموقف الثالث
في إحدى سفراتي لم أجد رحلة (سعر التذكرة معقول) سوى وقت الفجر الساعة الخامسة فجرًا، وحتى أصل للمطار مرتاح يتطلب عليّ الذهاب للمطار مبكرًا، وخرجت الساعة الثانية بعد منتصف الليل؛ ما ترتب عليه عدم النوم تلك الليلة، واستمعت لكوكب الشرق أم كلثوم، “نسيت النوم وأحلامه، نسيت لياليه وأيامه” حتى وصلت المطار وأنا مرهق ثم نادى المذيع الداخلي بفتح البوابة. وكان معظم المسافرين يغلبهم النعاس مثلي، ركبنا الباص ونزلنا بالقُرب من سُلم الطائرة وإذا بالجراد في استقبالنا وكان بكثرة وحجمه كبير يلصق بملابسنا لدرجة طار النوم منا، ومع أصوات المسافرين خاصة النساء أصيب البعض بنوع من الهلع، وعند الدخول للطائرة استقبلني الملاح وطلب بطاقة الصعود ليرشدني إلى مقعدي فقال: (معاك جراد) قلت لا، ثم دخل كل الركاب وأُغلق الباب، وبعد ربط الأحزمة والملاحين يشرحون طرق السلامة وإذا براكبة تخبر التي أمامها بوجود جرادة في الشيلة من الخلف (وبردة فعل قوية) نفضت الشيلة وإذا بالجرادة تطير على الصف الذي بجوارها ، وتتنقل بين المقاعد؛ فاتجهت نحو الملاحين مما حداهم للهروب قبل إكمال الشرح وإغلاق الستارة.

ختامًا
المواقف العابرة تحتاج لثبات وثقل وعدم مسايرة البعض في تصرفاتهم، كما تحتاج التصرف بحكمة ورزانة مثل تصرفي عندما، مرت من أمامي حشرة صغيرة، وأنا جالس في مقعدي وتركت نظراتي تعبّر عني مثل نظرات (سرحان عبد البصير) عندما قال: أنا بخاف من الكلب يطلع لي أسد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى