إن عصر الفضاء المفتوح سهَّل الكثير من سُبل الحياة، وقرَّب المسافات، وأدى إلى المزيد من الإمكانيات التي لم يكن يتصورها أي منَّا في الماضي، إلا أنه في الوقت نفسه فرض على الإنسان العديد من العادات والتقاليد السيئة لدرجة أن ضاقت الصدور من التعامل ومعايشة الواقع الذي أصبح مثقلًا بالهموم والمشاكل، فنجد بعض الشباب وللأسف يرتمون في عالم الضياع والدمار؛ نتيجةً لالتجائهم إلى المواد المخدرة بشتى أنواعها، وبسبب المخدرات ضاعت قواهم العقلية والنفسية، وتبددت آمالهم في الحاضر والمستقبل.
أصبحت تجارة المخدرات في وقتنا الحاضر واحدةً من أساليب تدمير الدول والشعوب، فلا يمر يوم إلا وهناك بيان من وزارة الداخلية يُشير إلى القبض على تجار ومتعاطي المخدرات، وكان الإدمان في السابق يقتصر على التبغ والتعاطي للكحوليات بأنواعها المختلفة، وفي وقتنا الحاضر أضيف إلى قائمة المخدرات العديد من الأصناف مثل: الحشيش والأفيون والكبتاجون ومخدر الشبو، والتي تكمن خطورته في أن معدل الإدمان عليه يعتبر الأسرع مقارنة بالمواد المخدرة الأخرى.
حتى أعمار المدمنين في السابق كانت في عمر الثلاثين سنة وأكثر، بينما نجد أنها تدنت في وقتنا الحاضر، وتُمثل فئة المراهقين من الجنسين بين عمر 14 عامًا و25 عامًا الفئة الأكثر تعاطيًا له. وفي المملكة يعتبر الكبتاجون والهروين والحشيش أكثر أنواع المخدرات انتشارًا بحسب تقارير وزارة الصحة السعودية، والتي أشارت أيضًا إلى أن المملكة تعاني من أكثر من 200 ألف حالة إدمان على المخدرات، بينما تسعى حالات قليلة للعلاج.
تبقى الوقاية هي أنجح علاج للحماية من مشاكل الإدمان على المخدرات، وما ينتج عنها من مضاعفات، وتعمل السلطات الأمنية في المملكة على التوعية بمخاطر المخدرات واتباع أسلوب الوقاية، وترويج ثقافة التبليغ عن المتعاطين والمروجين.
إن للأسرة والمؤسسات التعليمية والأندية في المملكة دورًا كبيرًا في مجال الوقاية، بدءًا من المراقبة والتوعية، والتأكيد على القيم والأخلاق الإسلامية الحميدة التي وحدها تحصن حياة الفرد من الضياع، وكذلك لوسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع دور في بيان أضرار المخدرات على المجتمع والأفراد عن طريق إقامة الندوات والمحاضرات والبرامج والأفلام التوعوية.
إن أعداد المدمنين تتزايد في مراكز ومستشفيات علاج الإدمان من المخدرات في المملكة، ولهذا أبعاد تربوية واجتماعية ونفسية خطيرة على الفرد والمجتمع، فانهيار المجتمع وضياعه يبدأ من ضياع لبنته الأساسية الأهم، وهم فئة الشباب عماد المستقبل وعدته.
وفي النهاية أختم بقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، (سورة البقرة: الآية 195)، لأن الله سبحانه وتعالى عهد إلى الإنسان بالحفاظ على نفسه وحرم كل ما يؤدي إلى هلاكها، ومما لا شك فيه أن المخدرات بأنواعها المختلفة تؤدي إلى قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
0