في عام 1442هـ الموافق 2021م كتبت مقالًا بعنوان (ظاهرة وكارثة القرود)، ركزت فيه عن ظاهرة وكارثة حقيقية في عدد من المحافظات والمدن؛ وخاصة في الجنوب والطائف وغيرها، وكنت في ذلك الوقت متفائلًا بأن أجد ردًا أو صدى من إدارة التواصل لدى الجهة المختصة (البيئة) لما نُشر من قبلي أو على الأقل تطمين حقيقي مدعوم بإنجاز على أرض الواقع، ولكن (خاب ظني) و(لا زلت وغيري ينتظر حلًا ميدانيًا فعليًا وليس تخطيطيًا فقط) !!.
وبالرغم من ثقتي في معالي وزير الزراعة والبيئة والمياه معالي الدكتور عبد الرحمن الفضلي هذا الرجل الذي تعجز وأن تصف أخلاقه وهدوءه، وكذلك عمله الجميل بصمت إلا أن السائح أو المسافر أو المواطن والمقيم لا زال يرتبك الظاهرة في تزايد على أرض الواقع.
وبعد دخولنا للعام 1445هـ، وبحكم خبرتنا في مجال السفر والسياحة والتراث (بعد أن خدمت بلدي لأكثر من 42 سنة)؛ فإنني أرى الصورة القاتمة لهذه الظاهرة في الأفق تزداد سوءًا شهرًا بعد الآخر وسنة بعد أخرى وأرى أنها الآن أصبحت واحدة من أصعب التحديات (السياحية المحلية) و(الصحية) و(البيئية).
الجميل هو نجاح إصدار نظام جميل عقابي للمواطن بعدم الإساءة للبيئة بشكل عام، وكذلك عدم إطعام القرود، وهذه خطوة ممتازة جدًا تُشكر عليها الوزارة، ولكن الأمر الغريب هو عدم وجود حلول على أرض الواقع لتزايد أعدادها مما جعلها تبحث (هي) عن قوتها من خلال هجومها وبشجاعة بحتة على المزارع والبيوت والسيارات (ويكفى الدخول لوسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب للوقوف على جزء بسيط من المُشكلة) !!
صحيح أننا تفاءلنا قبل سنتين تقريبًا بما نشرته وسائل الإعلام من تشكيل لجان للقرود، وتم تزويدهم بسيارات خاصة واجتماعات في إمارة منطقة عسير، ولكن وبصدق لا نعلم ما هي نتائجها حتى الآن سوى أن القرود مُستمرة في التزايد، سوى أننا نلمس استمرار تزايد أعداد القرود.
ومن المفارقات الغريبة.. إنني كنت في النماص قبل بداية الصيف، ويشهد الله أنني شاهدت شركة تتبع لبلدية النماص (مشكورين) وهي تُهيئ الممرات والطرق والحدائق وممشى النماص، ولكن بالمقابل رأيت أسراب القرود تتمتع بتلك الممرات والحدائق!!! وتكررت زياراتي قبل أسبوعين أثناء تواجدي لقضاء إجازة صيفية في ربوع محافظات السرح والنماص وبني عمر، وذهبت لزيارة بعض الأصدقاء في القرى وفي أحياء النماص، وشاهدت أن القرود أصبحت جزءًا من الحياة اليومية هناك !! وقِس على ذلك بقية المواقع والمحافظات والقرى.
إضاءة:
صديق قال لي متسائلًا لماذا أصبح مرض السرطان في السنوات الأخيرة منتشرًا بكثرة في بعض القرى والمناطق؟ وعندها كأني استفقت وقمت بعمل إحصائي بسيط لقرية واحدة وصغيرة وللأسف كانت النتيجة مُذهلة لارتفاعها حيث وصل العدد لما يزيد عن عشر حالات في تلك القرية !! فهل لعبث القرود داخل المزارع دور؟ أو هل لبقايا الميكروبات التي يتركونها نتيجة (لمسهم) للسيارات و(أحواش المنازل) والطرقات دور؟ أو هل للكيماويات دور؟ أو هل للوراثة دور؟ أو هل للأساليب الغذائية للناس دور؟ لا أعلم.
الخاتمة:
رسالة لمعالي الوزير عبد الرحمن الفضلي الذي أتمنى أن لا يكتفى بتقارير الخُطط وتقارير العروض المرئية (power points)، والخطط التي تُعرض عليه من (لجان القرود الميدانية) أو غيرها فالواقع أن الظاهرة مستمرة في التزايد، مُقترحًا على معاليه الاستفادة من تجربة خُطط معالي المهندس عبدالله المعلمي (عندما كان أمينًا لجدة) في القضاء على (ظاهرة الغربان التي كانت تؤرقنا في جدة)، وتم بحثها كثيرًا في اللجان ومجلس المنطقة (وقد شاركت شخصيًا في بعضها)؛ حيثُ كانت معاناة بالفعل، ولكن يبدو أن معاليه لم يكن مقتنعًا بأداء اللجان التي كانت تتعامل مع (كارثة الغربان) وخططها وعروضها المرئية مما جعله يتحول لعمل ميداني فريد من نوعه؛ فوضع برنامج جميل سار عليه هو ومن بعده ولم تلبث إلا مدة بسيطة (في حدود السنتين) إلا وتجاوزنا تلك المأساة، علمًا بان التعامل مع غراب يطير في الجو أصعب بكثير من قرد يسير على الأرض.
وإلى لقاء آخر في مقال عن القرود بعد سنة أو سنتين أي عامي 1445هـ و1446هـ .
– جدة