المقالات

شوقر دادي!

سؤال مُجرد

التوعية المجتمعية باستخدام الكوميديا ضد بعض الظواهر الاجتماعية السلبية، إحدى الوسائل الجميلة المُحببة والأسرع انتشارًا وتأثيرًا، ومن بين أبرز من يقدمون هذا النوع من الكوميديا الاجتماعية، المؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي أسامة الراشد، الذي قدَّم الأسبوع الماضي مقطعًا مصورًا بعنوان: “شوقر دادي” (وهو مصطلح دخيل على المجتمع يُشير إلى كبير السن الذي يملك مالًا وفيرًا؛ ليصرفه على فتاة صغيرة في السن)، والذي قابله عدد من المغردين باستياء كبير، انتقدوا فيه إساءته لفئة كبار السن العزيزة.

أشار الراشد في هذا المقطع إلى كبار السن الذين يرتادون المولات التجارية، ويتصرفون بأسلوب لا يتوافق مع مرحلتهم العُمرية، في إشارة إلى أنهم يتحرشون باللفظ والنظر إلى الفتيات، ويجلسون في الكافيهات داخل المولات بطريقة غير مناسبة بين النساء، ويمارسون رياضة المشي داخل المولات.

وعلى الرغم من أنني ممن يشاهدون مقاطع الراشد، ويعجبني ويضحكني كثيرًا مما يطرحه، إلا أنني لا أؤيد بعضًا مما يرد في مقاطعه، خاصة عندما يستخدم لغة أو صيغة التعميم (وهي حمالة أوجه)؛ لأن التعميم قد يحوَّل السلوك السلبي المحدد إلى ظاهرة سلبية عامة في نظر المتلقي، وهذا بحد ذاته سلوك سلبي قد يُعزز صورة نمطية غير جيدة عن المجتمع السعودي، ولا بد أن تكون رسائل المؤثرين والإعلاميين عن مجتمعنا محددة وواضحة، وأن تُشير بوضوح إلى أنها ليست ظاهرة، بل سلوكيات فردية وليست عامة، وبالتالي يجب استخدام كلمة “بعض”، أو “فئة معينة أو محددة لا تُمثل الجميع”.

ومما هو معلوم للجميع أن نظام حقوق كبير السن ورعايته، الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (292) وتاريخ 1443/6/1هـ، نصَّ في المادة الثانية على أنه: تقوم الوزارة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتحقيق ما يأتي: (تمكين كبار السن من العيش في بيئة تحفظ حقوقهم وتصون كرامتهم، ونشر التوعية والتثقيف المجتمعي لبيان حقوق كبار السن؛ لأجل احترامهم، وتوقيرهم، وتأهيل المرافق العامة والتجارية والأحياء السكنية والبيئة المحيطة والمساجد؛ لتكون ملائمة لاحتياجات كبار السن، وذلك في ضوء الأنظمة والأوامر ذات العلاقة، وتخصيص أماكن لكبار السن في المرافق العامة والمناسبات العامة).

ولذلك أتمنى من الراشد وغيره من المؤثرين والإعلاميين، أن يوقّروا كُبار السن، وينزلونهم المنزل الذي يستحقونه؛ لأنهم فئة عزيزة وغالية ولها احترامها وتقديرها، وهم الخبرة والقدوة والوقار؛ ولذلك سنت الدولة نظامًا خاصة بهم وبحياتهم واحترامهم، ومنحهم كامل حقوقهم في المجتمع، ومن حق كبار السن أن يعيشوا حياتهم ويستمتعوا بكل الأماكن والفعاليات والامتيازات التي توفرها الدولة، ولا يعني أنهم تقدموا في العُمر أو غزاهم الشيب، أن نحرمهم من متعة الحياة والتسوق والسفر والرياضة، وأن نحكم عليهم بالموت وهم أحياء، وأن ننتقد وجودهم في الأماكن العامة، ولا يعني أن ممارسة بعضهم لبعض السلوكيات السلبية أن نُعمم ذلك على الجميع، فالتعميم آفة الكلام ولغة الجهلاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى