المقالات

توسعة المطاف والعناصر المُرتبطة به!!

شرَّف الله -عز وجل- مكة وكرّمها بأن جعلها مكانًا لبيته الحرام، تهوي إليه الناس من كل فج عميق. وتشرفت المملكة العربية السعودية بخدمة ضيوف الرحمن، والعمل على توفير كل ما يُحقق راحتهم وأمنهم، ومن هذا المنطلق بدأت التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام؛ لتكون أكبر توسعة له في التاريخ، والتي تطلبت القيام بالعديد من الدراسات، والاستعانة بالخبرات المحلية والعالمية.
وقد صدر الأمر السامي الكريم رقم 1692/م ب بتاريخ 26/2/1430هـ لمعالي وزير التعليم العالي الدكتور/ خالد العنقري بالاستفادة من المتميزين من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية لمراجعة التصاميم والدراسات، والإشراف على أعمال تنفيذ هذه التوسعة المباركة. أوكلت لجامعة أم القرى القيام بهذه المهمة، وتم تشكيل فرق عمل في مختلف التخصصات المعمارية والهندسية؛ لتساهم في تنفيذ التوسعة من الناحية التصميمية والإشرافية.
وكانت فرق العمل في ذروة تنفيذ المشاريع يتكون من عدد يزيد على 400 موظف من أعضاء هيئة التدريس ومهندسين وإداريين، وقد اتفق على انضمام جميع فرق العمل تحت مظلة واحدة باسم اللجنة الفنية لمشاريع توسعة المسجد الحرام والعناصر المرتبطة به، والتي تدعم مشروع توسعة المسجد الحرام والعناصر المرتبطة به ومشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف، وكانت تعمل تحت إشراف وإدارة معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور/ بكري عساس.
شاركت اللجنة الفنية مشاركة فعَّالة في تطوير تصاميم المسجد الحرام وتوسعة المطاف. فقد ساهمت في مراجعة الدراسات والتصاميم المقدمة من مقاول/استشاري المشروع مجموعة “بن لادن” السعودية وإبداء الرأي والمشورة مشاركة مع ممثلي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والحمد لله ساهم التفاهم الجماعي بين جميع المشاركين في الإنجاز الذي نراه الآن.
وساهمت اللجنة الفنية أيضًا في الإشراف على تأكيد وضبط جودة تنفيذ الخرسانة في جميع المشاريع، ويعرف تأكيد جودة الخرسانة بمتابعة ومراقبة إجراءات ومراحل تصنيع الخرسانة والاختبارات ذات العلاقة لضمان مطابقتها للمواصفات المعتمدة في المشروع. بينما ضبط الجودة تعني بجودة ومطابقة المنتج النهائي للمواصفات المعتمدة.
قام مهندسو اللجنة الفنية بأعمال الإشراف والتدقيق الدوري لأعمال تأكيد جودة الخرسانة وتنفيذها في المصانع والموقع من خلال مراجعة خطط الجودة، وإجراء الاختبارات الحقلية والمعملية والقيام بالزيارات الميدانية لتقدير مؤشرات قياس الجودة للخرسانة في المشروعات وفقًا لخطة الجودة المعتمدة والمعايير والممارسات الدولية المتبعة، ويشمل ذلك التأكد من اكتمال ملائمة خطة تأكيد جودة الخرسانة.
وكان يتم أخذ عينات من جميع عربات الخرسانة الموردة للمشروع بغرض إجراء اختبارات ضبط الجودة، وقد تم ولله الحمد وبدعم من معالي مدير الجامعة الدكتور بكري عساس تأسيس مختبر خرسانة متكامل في كلية الهندسة بجامعة أم القري، وتم تجهيزه بأحدث الأجهزة والمعدات للقيام باختبارات ضبط الجودة لمختلف مشاريع الحرم، وتم تدريب طلاب من الجامعة ومهندسي اللجنة الفنية السعوديين للقيام بمهمة الإشراف على هذا المختبر.
كما تولَّت اللجنة الفنية الإشراف على تطبيق إجراءات السلامة والصحة المهنية بمواقع تنفيذ مشاريع توسعة المسجد الحرام والعناصر المرتبطة.
لقد أولت اللجنة الفنية من بداية أعمالها أهمية في الاستثمار في شباب الوطن للارتقاء بهم علميًا ومهنيًا لتأسيس قاعدة مؤهلة من الكوادر الوطنية المتخصصة الإدارية والفنية من أرقى وأعرق المؤسسات والجمعيات العالمية والمحلية، وأولت اللجنة الفنية بمشروعات خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد الحرام جُل إهتمامها بتدريب وتأهيل كوادرها الإدارية والفنية؛ فقد أسست جيلًا من الكوادر الوطنية المؤهلة والذي يُقارع أمثالهم في الدول المتقدمة؛ وذلك من خلال وضع الخطط الاستراتيجية المبنية على الأسس العلمية في مجال التدريب والتأهيل، وقد انعكس ذلك إيجابيًا وبشكل مباشر على جودة مخرجات اللجنة الفنية في هذه المشروعات المباركة، وتحديدًا في مجالي تأكيد جودة الخرسانة وتطبيقات السلامة والصحة المهنية، وبالدعم المستمر من معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور بكري عساس نظَّمت اللجنة الفنية لمنسوبيها من إداريين وفنيين أكثر من 314 دورة تدريبية وتأهيلية استفاد منها أكثر 1234 متدربًا.
ولم تقتصر اللجنة الفنية على التدريب فحسب، فقد عملت جاهدةً على أن يحصل منسوبوها على الاعتمادات المهنية العالمية؛ وبالخصوص في مجال تقنية وتنفيذ الخرسانة والسلامة والصحة المهنية من المؤسسات والجمعيات العلمية والمهنية.
وإيمانًا من اللجنة الفنية لتوسعة المسجد الحرام في دورها الرائد والمهم في خدمة المجتمع من تدريب الكودار الوطنية وتماشيًا مع توجهات المملكة العربية السعودية في الارتقاء بشبابها علميًا ومهنيًا، فقد بادرت اللجنة في تصميم برامج تدريب صيفية لطلاب كليات الهندسة بالجامعات السعودية تعقد في مقر الجامعة بالعابدية؛ وذلك للاستفادة من الخبرات المتوفرة لديها ومن التقنيات الحديثة المسخرة في مشروعات خادم الحرمين الشريفين لتوسعة المسجد الحرام والعناصر المرتبطة بها، وتم تدريب 693 طالبًا من 16 جامعة سعودية في جميع البرامج التدريبية الصيفية التي وفرتها ونظمتها اللجنة الفنية.
وعقدت اللجنة الفنية أكثر من 35 اجتماعًا وورش عمل مُكثفة برئاسة معالي مدير الجامعة الدكتور بكري عساس لدراسة مختلف الجوانب التصميمية والتشغيلية بمشاركة ممثلي وزارة الداخلية ووزارة المالية والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ لمراجعة الأعمال التصميمية المعمارية والهندسية التي كان يقدمها مقاول/استشاري المشروع مجموعة “بن لادن” لتطوير مشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف، وكذلك إجراء الاختبارات اللازمة، وبناء نماذج المُحاكاة الضرورية لإتمام المهمة، ومساعدة المصمم في التفكير في حلول إبداعية؛ بحيث تتواءم الزيادة مع الزيادة الحاصلة في أعداد المصلين بالمسجد الحرام.
أسأل الله أن يُجزي حكام هذه البلاد المباركة خير الجزاء على كل ما يقدمونه من خدمات لرعاية وخدمة زوَّار بيته الحرام ومسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. كما أشكر معالي مدير جامعة أم القرى د. بكري عساس على إدارته الحكيمة وكذلك زملائي وأبنائي من منسوبي اللجنة الفنية، وجميع من ساهم في تلك الفترة من أجل إنجاز تلك المشاريع.

تعليق واحد

  1. تعلمنا الكثير منكم يادكتور وتشرفنا بالعمل لخدمة بيت الله الحرام وزواره.

    ونسأل الله التوفيق للجميع لما فيه خدمة ضيوف الرحمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى