قال صاحبي: تكررت الجرائم الإرهابية بحق المسلمين في بلاد الحضارة، والتطور، وحقوق الإنسان!!، فبعد جريمة الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، قام المتطرفون بقتل أكثر من خمسين مسلمًا وهم رُكع سجود في أحد مساجد نيوزلندا، ثم تتابع حرق نسخ من القرآن الكريم في السويد والدنمارك بالتناوب بينهما، فما أسباب هذا التطرف ضد المسلمين، ولماذا الآن، من يقف خلفها، وماذا يجب على الحكومات والشعوب والمنظمات الإسلامية؟
تحدثتُ قبل أيام عن إيماني بنظرية المؤامرة التي لا ينكرها البعض فحسب، بل ويسخرون من كل من يؤمن بها، بالرغم من كثرة الأدلة والشواهد على وجودها، المؤامرة موجودة منذ الأزل، والحياة ميدان كبير للمؤامرة، حتى الرياضة بجميع أنواعها لا تخلو من منها، وما مرت به منطقـتنا، وما ستمر به، وما يتعرض له الإسلام من شيطنة، والمسلمون من إقصاء وتنميط هو إحدى ثمرات المؤامرة، التي يجب أن نؤمن بوجودها، ولكن لا نعلق عليها كل ما يجري لنا، بل من باب أخذ الحذر والتعامل مع الأحداث بواقعية.
فما يحدث من إرهاب ضد المسلمين في بلاد الغرب المتحضر!، يحدث بدافع سياسي لا عقدي، ولا يمكن بحال قبوله في سياق حرية التعبير، ولا منطق الخوف من المسلمين (الإسلاموفوبيا) وهذا الأخير تم صناعته لتحقيق أهداف خاصة، ففي بداية ظهوره كانت ترجو منه فرنسا توجيه رسالة لجنودها في البلاد الإسلامية التي تحتلها، بعدم الخوف من المسلمين وبحسن التعامل معهم، ولكنه انقلب للضد، بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي. كان لا بد من إيجاد عدو بديل، يساهم في اصطفاف الرأي العام الغربي وراء حكوماته، في كل إجراء تتخذه بحق هذا العدو الجديد، أفرادًا، ومنظمات، ودولًا، وقيمًا، وتعاليم سماوية، وشعائر ربانية!.
هذا التطرف الغربي المتكرر، وكراهية الآخر، واستخدام العنف الجسدي واللفظي ضده، والإساءة لمقدساته، ورموزه الدينية والوطنية، تُشكل تحديًا حقيقًا لدول الغرب التي وصفت نفسها بالعام الأول، بناءً على معايير هي من حددها، من بينها التعليم، والاحترام وقبول الآخر والتعايش، ووصمت البقية بالعام النامي، الذي يفتقر لصفات العالم المتقدم!! ومارست عليه الإقصاء بقوتها الناعمة، في الإعلام والتعليم، وسهلت صناعة المتطرفين من أبناء جلدتها، وأوجدت لهم المسوغ للاعتداء على كل ما هو إسلامي!!، بتحويل الإسلاموفوبيا لذريعة لممارسة الموبقات، وبعدم مؤاخذة الجناة الذين لديهم مرض وتوجس من كل ما هو إسلامي، والذهاب بهم للمصحات الفاخرة، بدلًا من تنفيذ القانون بحقهم!
منظمة التعاون الإسلامي علقت صفة مندوب السويد لديها، وهي خطوة مهمة، لكنها بحاجة لرفدها بخطوات أخرى من الدول الإسلامية على الصعيد الرسمي، وأما الصعيد الشعبي، فالعمل في مسارين مترابطين لا ينفكان عن بعضهما، فالأول هو مقاطعة منتجات الدول التي تمنح التراخيص والحماية للمتطرفين للاعتداء على كل ما هو مقدس إسلامي، والآخر؛ هو عدم وقوعهم فيما يريد عدوهم دفعهم إليه من أعمال حرق واعتداء على البعثات الرسمية، ورموز الدول السياسية، وهذا ما ترجوه هذه الدول حتى تبرر كل إجراء يتخذ ضد هذه الدول من ظلم وقهر، وحتى تستمر الصورة النمطية التي صُنعت للدول والشعوب الإسلامية.
اليمين المتطرف يسعى بدوافع سياسية للمزيد من الأعمال الاستفزازية للمسلمين في الغرب وخارجه، لإجبار الحكومات على اتخاذ المزيد من الإجراءات المتشددة بحق المسلمين، واللاجئين والملونين، وجعل أوروبا للأوروبيين لذوي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء، والعمل بشكل مستمر من أجل “تطهير أوروبا” بعد أن تحوَّلت إلى قارة عجوز عاجزة عن الإنجاب، في مقابل زيادة أعداد المولدين على أراضيها، والتي منحتهم جنسيتها، وبعنصريتها فشلت في كسب ودهم وولائهم وانتمائهم لها. هذا اليمين المتطرف مشحون بالكراهية والغضب والعنصرية المقيتة تجاه كل ما هو عربي ومسلم، فهم العدو الذي يخوف شعبه منه بالرغم من أنه يتقوى بوجودهم، ويصل للحكم من أجل القضاء عليهم.
قلت لصاحبي:
الحرق يُقابل بالحرق الاقتصادي (الاستمرار في مقاطعة منتجاتهم فهو قانوني) حتى وإن زعم البعض كما زعم رئيس وزراء السويد أولف كريسترسون “أعتقد أن كون بعض الأمور قانونية لا يعني بالضرورة أنها مناسبة”. لا تسمعوا لهم.
0