قبل أيام قليلة كنتُ في مسقط رأسي مدينة الباحة لقضاء بعض الأعمال، ودلفت إلى صالون حلاقة يعمل به أخ مغربي من مدينة طنجة.
وقبل أن أجلس على كرسي الحلاقة بادرني بسؤال خاطف، هل أنت سائح أم من أهل المنطقة؟ قلت له:
لا أنا من أهل المنطقة، ثم أردف قائلًا: إذًا أنت لا تُعاني ما يُعانيه السائح هنا.
قلت: وما هي مُعاناة السائح في الباحة؟
قال: الأسعار غالية جدًا عندكم، واستشهد بكلام أحد الزبائن عنده الذي يدفع في الليلة 900 ريال في شقة صغيرة متواضعة من حيث التـشطيب لا تزيد مساحتها على 60 مترًا، تطل على جبل من جهة الخلف؛ وكأنك في سجن على حسب كلامه.
لا يوجد مطعم أو حتى كافتيريا صغيرة في الفندق، لا يوجد في الغرفة أو الشقة حتى قارورة ماء، لا يوجد في الفندق أي نشاط رياضي أو ترفيهي.
بينما نفس السائح ذهب إلى مدينة طنجة في المغرب قبل عام، وكان يدفع 900 ريال في شقة مساحتها 140 مترًا عالية المستوى من حيث الموقع والتشطيب، تطل على المحيط الأطلسي من ناحية وعلى البحر الأبيض المتوسط من ناحية أخرى، وترى أسبانيا وجبل طارق من الأمام، لا تحتاج إلى تكييف والجو خرافي والإطلالة ساحرة.
فعرفت أن صديقي الحلاق يسوَّق للسياحة في بلده، وهذا من حقه.
لكني بادرته بسؤال وماذا عن العوائل الكبيرة وأسعار التذاكر الجوية ومصاريف السفر والأكل والتنقل وغيرها من المصاريف غير المعروفة؟ فلم يجب؟
أنهيت حواري مع الأخ الحلاق بأن السياحة ليست جوًا باردًا وفندقًا أو شقة مُطلة ومنظرًا رائعًا، وأن هناك مقومات سياحية وتاريخية في بلدنا لا تُقارن بأي بلد في العالم وأهمها:
– الأمن والأمان بالمفهوم العام الذي تنعم به بلدنا، والذي لا يوجد في أي مكان في العالم.
أيضًا هناك مقومات سياحية في جنوبنا الجميل من الباحة حتى أبها تُغنينا عن السفر للخارج إذا تمَّ استغلالها بطريقة عصرية حديثة ومتطورة.
ولكن لازال مع الأسف هناك بعض المنغصات أو النواقص، والتي تحتاج إلى مراجعة ومنها:
– غلاء الأسعار وبالذات أسعار الفنادق والشقق المفروشة بدرجة مبالغ فيها تبدأ الغرفة من 500 ريال لليلة، وتصل إلى 1500 ريال في فنادق لا يصل تصنيفها إلى ثلاث نجوم بالتصنيف العالمي.
– يوجد نقص في الخدمات فعليًا في الفنادق من مطاعم، ترفيه، ومساحات للعب الأطفال مع غلاء الأسعار غير المنطقي تمامًا.
– عدم وجود فنادق ذات براندات عالمية من فئة الأربع نجوم، والتي لا تزيد متوسط أسعارها في الليلة عن 400 إلى 500 ريال في مُعظم دول العالم، وتتميز بالخدمات الممتازة، والسعر المعقول والتوافر على مدار العام.
– عدم وجود أماكن ترفيه حقيقية وبمستوى يليق بالسائح السعودي، والذي سافر معظم دول العالم وأصبح ذا ذائقة عالية في الترفيه، ويبحث عن الجودة في الترفيه والسعر المناسب.
– ازدحام المرور في المدن السياحية في الصيف، والذي أصبح عائقًا حقيقيًا يمنع سهولة التنقل بين المناطق السياحية.
وإذا أردنا أن نُنافس في سوق السياحة العالمي الكبير جدًّا؛ فيجب أن نُعيد النظر في السعر مقابل الجودة، وكذالك سهولة الوصول في الوقت المناسب بتسهيل وزيادة الرحلات الجوية، وإيجاد حلول للازدحام المروري أثناء الصيف.
خلاصه القول: إذا استطعنا أن نُقنع السائح السعودي بالسياحة الداخلية؛ فحتمًا نستطيع أن نقنع السائح غير السعودي سواء من دول الخليج أو غيرها وهكذا تزيد الاستثمارات السياحية، وتزدهر السياحة في بلدنا.
0