إن نجاح الجامعات في وقتنا الحاضر يُقاس بمقدار ما تقدمه من أبحاث ودراسات علمية وخدمات تنموية، وكذلك محاولتها ربط نفسها بهموم وغموم المجتمع. هذا الذي أعطى الجامعات في العالم أهميتها وشرعية وجودها.
لقد أدرك رؤساء الجامعات البحثية في العالم أن مهمتها هي تقديم الاكتشافات العلمية، وتقديم الأبحاث المنتجة، وإعداد الشباب الواعي ليكونوا قادةً في البحث والعلم والابتكار، ذلك أن الإبداع والابتكار، ونقل العلم إلى المنتجات الصناعية هو ما جعل الجامعات أساس تقدم الدول في وقتنا الحاضر.
إن مُعظم الإنتاج والتصدير في أمريكا قد جاء من جامعاتها البحثية، ولولاها ما كان الاقتصاد، لولا الجامعات البحثية والمختبرات وبراءات الاختراع ما كانت المصانع، ولا الشركات ولا الإنتاج ولا التصدير.
وفي وقتنا الحاضر أصبحت الكثير من الجامعات في العالم المتقدم بلا أسوار للدلالة على انفتاحها على المجتمع، فأصبحت تقود الحضارة والنهضة المعاصرة، وتتناول الجانب الأكبر من قيادة العلم والتعليم والتكنولوجيا في عالم اليوم.
والجامعات السعودية ولله الحمد والمنة أصبحت اليوم تقوم بدورها في خدمة البحث العلمي المنتج؛ خاصة في بيئتها المحيطة فنجد على سبيل المثال، أن أغلب أبحاث الجامعات السعودية التي تقع بالقُرب من مدن الحج، تدور أبحاثها حول ما يسهل أداء الحج والعمرة براحة واطمئنان، كطب الحشود، والدراسات المرورية، والبيئة العُمرانية، وصحة البيئة والمناخ، والتغذية والتوعية بنسك الحج والعمرة.
وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران نجد أن أغلب أبحاثها ودراساتها حول الغاز والطاقة والنفط، وجامعة الملك عبد العزيز والملك سعود في الابتكار وريادة الأعمال، وهكذا لبقية الجامعات السعودية، فالتي تقع في مناطق صحراوية يجب أن تركز أبحاثها على التصحر وقلة المياه، والتي تقع على الشواطئ تكون متميزة في علوم البحار والثروة السمكية. ومما يدلل على ذلك حصول جامعة الملك فيصل بالأحساء على المركز (201-300) عالميًا لتصنيف شانغهاي الشهير لعام، وذلك في مجال الطب البيطري متقدمةً على الكثير من الجامعات العالمية بسبب وقوعها في منطقة الأحساء الجزء الغالي من شرق مملكتنا الحبيبة، والمعروفة بخصوبة تربتها وكثرة منتجاتها الزراعية؛ وخاصةً من التمور إضافةً لثروتها الحيوانية.
والأجمل أن هذه الجامعة السعودية الريادية رُشحت كذلك ضمن أفضل ثماني جامعاتٍ آسيوية عن فئة”الإستراتيجية الدولية”، وعن فئة “مكان العمل”، ضمن جوائز التايمز الآسيوية لعام 2021م=1442هـ، بمشاركة أكثر من 200 مؤسسة تعليم عالٍ من مختلف دول قارة آسيا. وقد نالت جامعة الملك فيصل بالأحساء هذا الاستحقاق الآسيوي بفضل إعلان هويتها التي تستهدف في المقام الأول المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية. وكانت آخر ابتكارات جامعة الملك فيصل البحثية ، ابتكارها في العام 2023م، لأول مشروب طاقة صحي من التمر في العالم؛ وذلك بعد جهود امتدت لأكثر من عامين، في إطار رؤيتها لتحقيق الأمن الغذائي.
0