المقالات

الحجُّ بين (الأرقام والسواليف)

انتهى موسم الحج لعام (١٤٤٤هـ-٢٠٢٣م) بنجاح مُنقطع النظير، وعاد ضيوف الرحمن إلى بلدانهم سالمين غانمين بعد أن غفر لهم ربهم، وأعادهم إلى أوطانهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، وقد حققوا أحلامهم وأمنياتهم التي طالما انتظروها؛ وذلك بفضل الله أولًا، ثم بما وفَّرته حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظهما الله- وبارك الجهود.
انتهى الحج غير أن شركات أرباب الطوائف لم ينتهِ عملها؛ فهي تعمل على مسارين متوازيين، مسار خدمة ضيوف الرحمن من خلال تجويد الخدمات المُقدمة لهم، ومسار خدمة مساهمي الشركة، وتنمية أرباحهم، وهذا لا يقل أهمية ومسؤولية عن المسار الأوَّل؛ خاصةً بعد التحول المؤسسي من مؤسسات الطوافة إلى شركات، ومن هنا أرى أن عمل مجالس إدارات شركات الطوافة عمل مُتعب ومُجهد وشاقٌ في ظل وجود (عقليات) تتأثَّر بـ (السواليف) التي   يطرحها البعض لمجابهة التطوير والتغيير الذي تنشده رؤية ٢٠٣٠، ويأتي في مقدمتها تطوير أداء العاملين، وتجويد الخدمات.

في هذا المقال سوف أتوقف مع شركة طوافة قدمتها وزارة الحج والعمرة في حج ١٤٤٤هـ أنموذجًا رائعًا من حيث تقديم الخدمات النوعية لضيوف الرحمن سواءً من حيث السكن الذي كان على مستوى الخدمات الفندقية أو الإعاشة التي تميَّزت بها بعد الاستحواذ الذي عملته مع إحدى الشركات، وأعني بذلك هنا “شركة مطوفي حجاج إفريقيا غير العربية”؛ إذ تفوَّق مجلس الإدارة على نفسه، وجعل الشركة في هذا العام في مقدمة الشركات التي استطاعت مواكبة رؤية المملكة ٢٠٣٠، والتي تقلّدت وسام الجودة والإتقان بزيارة سمو وزير الداخلية، رئيس لجنة الحج العُليا، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، وسمو نائب أمير منطقة مكة المكرمة، نائب رئيس لجنة الحج المركزية، الأمير بدر بن سلطان بن عبد العزيز، لمخيمات الشركة في عرفات؛ بحضور عدد من أصحاب المعالي الوزراء.
ولا شك في أن مجلس الإدارة الجديد بقيادة الدكتور/ أحمد عباس سندي، لعب دورًا مهمًا في هذا النجاح الفريد من نوعه في تاريخ الشركة، والذي كان محل اهتمام وتقدير المساهمين والمساهمات الذين صفقوا كثيرًا لرئيس مجلس إدارة الشركة وهو على مسرح الحفل، وكذلك جهود الرئيس التنفيذي للقابضة، الأستاذ/ بدر علي بافقيه، وجميع العاملين في الشركة ومراكز الخدمة الميدانية الـ ٤٨. هذا النجاح الكبير جعل رئيس مجلس الإدارة د. أحمد سندي بستعرض أمام مساهمي ومساهمات الشركة في حفل المساهمين يوم الثلاثاء ٧ محرم ١٤٤٤هـ نجاحات الشركة بالأرقام وليس بالأوهام.

في حج عام ١٤٤٤هـ دُعيت لمناسبات الشركة في أربع مناسبات، وفي كل مرة أحضرها يُبهرني الرئيس الذي وُفقت الشركة في اختياره بخطابه البليغ وثقته في نفسه وإيمانه برؤاه، وتشعر بأنه استفاد من تجارب الماضي ويعيش واقع الحاضر ويستشرف المستقبل المنشود؛ ولهذا أحدث مع مجلس إدارته نقلة نوعية تُسجل في تاريخ الشركة من حيث زيادة عدد الحجاج أو من خلال تنمية الأرباح.

“السندي” منذ البداية تفرّغ للعمل والإعداد للموسم بلا كلل أو ملل فتارة يخطط في مكة ومرات يوقع اتفاقيات في جدة وأخرى يجوّد الخدمات من الإمارات، وأخيرًا استوطن المشاعر المقدسة راصدًا ومتابعًا وشاهدًا على النجاحات. منذ البدء بادر “الدكتور” بتجهيز المخيمات المطورة والاستحواذ على شركة إعاشة، ودخل موسم الحج بقوة كالخيل الأصيل التي تُحقق السبق والفوز في نهاية المطاف.

ولأن “السندي” لغته قوية، تتميَّز بالوضوح والشفافية سوف أقتبس من خطابه الأخير في حفل المساهمين جزء مما قاله: “لن أتكلم لغة الإنشاء والتعبير، فهذه مُطلقة والكل يتنافس فيها، لكن سوف أتكلم بلغة (الأرقام) المحددة، وهي المقياس الوحيد للنجاح، وأما ما عدا ذلك (سواليف)، ففي هذا السياق أود أن أشير إلى الأرقام التي سجلتها الشركة بقطاعاتها المختلفة، والتي هي خير دليل على النجاحات التاريخية لهذا الموسم، حيث ولأول مرة في تاريخ الكيان العريق الذي ورثتموه أبًا عن جد، تمكنت شركتكم من خدمة ما يربو عن (٢٣٠.٠٠٠) ألف حاج، قادمين من (٤٩) دولة، من خلال (١٨) لجنة، وظفنا خلالها من أبنائكم وبناتكم ما يربو عن (١٥٣٠) من الكوادر البشرية المؤهلة، لم تتحقق في تاريخ هذه الشركة؛ بالإضافة إلى الاستحواذ على (٥١٪؜) من شركة أبو الجدايل للصناعات، وتقديم ما يربو على (٣.٨٧٠.٤٩٤) وجبة مطبوخة، كما قدمنا الوجبات لكل حاج تواجد في موقعنا حتى لو لم يكن من حُجاجنا (صدقة عنكم أنتم)، كما قدمنا أكثر من ٢٢٨.٦٤٧ وجبة جافة، وتقديم ٤١.١٥٦.٤٦٠ عبوة ماء في المشاعر المُقدسة وما يزيد عن ٦٢٤.٩٩٩ عبوة مثلجة. هذه الإحصائيات والأرقام تُمثل قفزة نوعية في مستوى الخدمات التي قدمتها الشركة لضيوف الرحمن، كما تم استخدام الذكاء الاصطناعي لأول مرة؛ للتعرف على الوجه في المخيمات وكانت محل اهتمام الجهات الأمنية”.

ختامًا
إن المعايير الأخلاقية التي عمل بها مجلس إدارة الشركة والمتمثلة في (صدق الرؤية، والأمانة والقلب السليم) لخدمة ضيوف الرحمن ساهمت في تخطي الشركة كل المعيارية المتعارف عليها في الوضع المالي، بأرباح لم تحصل في تاريخ أفريقيا غير العربية، كما أشار الرئيس الاستثنائي الدكتور/ أحمد عباس سندي الذي يؤمن “بلغة الأرقام التي تُعد مقياس نجاح أي شركة، وغير ذلك مجرد سواليف”.
أُهنئ مساهمي الشركة على هذا المجلس التوافقي الذي رَفع من أسهم “أفريقيا غير العربية”، وجعلها محل ثقة ضُيوف الرحمن، وإذا كانت ليالي العيد باينة من عصاريها، فليالي شركة مطوفي أفريقيا ظاهرة من حِنكة قيادتها، وعطاء مسؤوليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى