المقالات

المخدرات افة كل العصور

المخدرات آفة خطيرة لها آثار جسيمة على الأفراد والمجتمعات، بل هي وباء حقيقي وبغيض تكرهه القلوب وتشمئز منه كل النفوس لما تسببه المخدرات من ضياع وشتات للنفس وذهاب للعقل. وللمخدرات آثار سلبية كبيرة ليس على مستوى ذهاب عقل الفرد، بل تمتد هذه الآثار إلى هدر مقدرات الدول لذلك فمكافحتها توجه عالمي تفرضه معطيات عالمية للحفاظ على عقول المجتمعات. ولا غرو في ذلك فالمملكة العربية السعودية قبلة المسلمين، وهي لذلك حريصة على تطبيق مبادئ الإسلام العظيمة تلك التي حرمت تحريمًا تامًا كل ما يُذهب العقل. وفي هذا السياق، تسعى المملكة للقضاء على آفة المخدرات آفة كل العصور بحزم وعزم كبيرين. ومن الناحية الدينية، أفتى علماؤنا الأفاضل بحرمة المخدرات ونصوا على عقوبة المهرب بالقتل لما يسببه من فساد في الأرض. وفي هذا الصدد، انطلقت حملات الإبلاغ عن المهربين والمروجين لمعاقبتهم والمتعاطين لعلاجهم فهو أمر واجب على كل مواطن يسعى لدرء مفسدة مجتمعية عظيمة وهو من باب التعاون على البر والتقوى، قال تعالى: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” والمتوقع من أبناء الوطن أن لا يتخلفوا عن أداء هذا الواجب للقضاء على هذه الآفة الخطيرة.
ولأن الشباب هم عتاد الأمة وأمل المستقبل وهم أكثر ضحايا المخدرات بأنواعها، توجهت جهود المملكة العربية السعودية في عدة اتجاهات بحزم كبير لإيقاف نزيف الجرائم التي نتجت عن المخدرات. ولعل من الأهمية بمكان دراسة الأسباب التي تدفع الشباب للمخدرات وهي كثيرة جدًا، منها على سبيل المثال لا الحصر، التفكك الأسري والتقليد لرموز الفن والشهرة فهذان العاملان يعتبران أساسيين في الانجراف خلف المخدرات حسب ما أشارت إليه بعض الدراسات الميدانية في العشر السنوات الماضية.
إن أضرار المخدرات لا تقف عند الأضرار الصحية فقط، بل تتعداها إلى أضرار اجتماعية واقتصادية كبيرة. فعند غياب العقل يغيب الضمير والمنطق فهي تؤثر في عمل الموظف وتؤدي إلى غيابه المتكرر مما يقلل من إنتاجه، بل إن ضررها يتجاوز ذلك بكثير وقد تؤدي في الأخير إلى طرده وشتات أسرته وقد يمتد هذا الضرر إلى فساد كبير في المجتمع فتكثر المشكلات بسبب فساد فرد واحد، وتتعدد الجريمة. وأما الأضرار الاقتصادية فهي فتاكة بأي مجتمع حيث يؤدي طريق المخدرات إلى ضعف الإنتاج الوطني العام وهدر رؤوس الأموال في الشراء والترويج ثم في المدفوعات في مكافحة المخدرات وعلاج المدمنين مما يؤدي إلى إرهاق نمو الاقتصاد الوطني. بالإضافة إلى ذلك تهدر كثير من الأموال فيما بعد لتقديم العلاج النفسي والرعاية الصحية للفرد وتحقيق الصحة النفسية له حيث يصبح الإنسان المتعاطي مكتئبًا، منعزلًا، فاقدًا للأهلية بسبب تأثير الكيميائيات المخدرة والتي تؤثر مباشرة في الجهاز العصبي المركزي بما تجلب له من تأثيرات ولا سيما تأثيرات مادة الشبو عالية الخطورة والتي تسبب الإدمان من أول استخدام لها. وكلما زادت مدة استخدام هذه المواد صعب على المتعاطي أن يبتعد عنها، ويلاحظ أنها قد نمت بصورة قوية في الآونة الأخيرة.
وقد نشرت هيئة مكافحة الفساد منشورات هامة في المدارس والجامعات، وخصصت خطب الجمعة على منابر المساجد للتوعية حول هذه الآفة الخطيرة التي كانت محصورة في مواد يمكن حصرها في عشرة أنواع أهمها الكوكايين، الكحوليات، الأفيون، المنشطات، والمثبطات، والمهدئات، المهلوسات، القات، الحشيش، الهيروين، المواد الطيارة، ولكن أضيفت لها مادة مخدرة شديدة الخطورة وهي مادة الشبو المخدرة. وهناك الكثير من العلامات الدالة على مدمني المخدرات بشكل عام والشبو بشكل خاص، منها الاضطراب، الرعشة، عدم التوازن، الانعزال، وغيرها من الآثار الواضحة والجلية. كما تم نشر الأدوات التي تشير إلى المتعاطين لهذه المادة من عدد وأدوات تستخدم لتحضير هذه المواد.
ولا شك أن ما تبذله حكومة المملكة العربية السعودية في سبيل مكافحة المخدرات أضحى واضحًا وجليًا للعيان. وفي هذا السياق، أوضح عبد الإله بن محمد الشريف الأمين العام للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات أن جهود الحكومة في الحرب الشرسة على المخدرات لا هوادة فيها. وأوضح الشريف رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات نبراس أن الجهود الوطنية قد حققت العديد من الإنجازات الواضحة في مكافحة تجارة المخدرات وإحباط عمليات التهريب الدولية التي اتخذت عدة صور بشعة عن طريق الأفراد والمعدات والأغذية لتهريب مواد عالية السمية من مواد مخدرة. وقد أكد أن أنباء عمليات تهريب المخدرات التي أحبطتها القوات الأمنية في العام المنصرم ومنذ انطلاق الحملة ضد الشبو كلفت مبالغ باهظة، وأثمرت هذه الجهود إحباط تهريب مخدرات بمبالغ فلكية مما يعني أنها كانت تستهدف المجتمع بشكل كبير لإغراق شبابه في هذه الآفة. إلى ذلك، أطلقت الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات عدة مبادرات، وشاركت مع مختلف الجهات الحكومية والشركات الخاصة للتوعية بمخاطر المخدرات.
ونخلص في خاتمة هذه الإشارة عن هذه الآفة إلى أن المخدرات آفة عظيمة على مر العصور والواجب علينا التوعية المستمرة وزرع القيم، ونشر ثقافة الصحة العقلية والنفسية، وتعزيز قيم الصحبة الطيبة، ودعم الأنشطة البدنية والمجتمعية ونزع فتيل الخلافات الأسرية ومعالجة أسبابها؛ كذلك تعزيز دور المدارس والجامعات في القيام بالدور الأمثل في التوعية بأضرار المخدرات. ولا بد من التيقن بأن درء المفاسد شعيرة من شعائر ديننا العظيم وعلى كل فرد مسؤول سواء كان أبًا أو أمًا أو معلمًا أو معلمة أو خطيبًا أن يقدم كل ما في وسعه من نصح وتوجيه، وإحاطة الشباب بحب ورعاية واهتمام لمنع الانجراف خلف هاوية المخدرات فهي آفة خطيرة مدمرة تؤثر في مجتمعاتنا وتهدر مقدراتنا وأمننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى