في الطائف المأنوس تبتهجُ النفوس، ويطيب الجلوس مع الأدباء والمثقفين في ليلة استمتع بها كل من حضر من الرياض والطائف ومن مكة ومصر.
دعانا الدكتور عايض محمد الزهراني يوم الخميس ٩ محرم ١٤٤٥هـ، محتفيًا بالأديب الأستاذ/ عبد الرحمن بن فيصل بن معمر رئيس تحرير صحيفة الجزيرة سابقًا، في ليلة من جمالها وأنسها بالشعر والقصص واللطائف، نسينا وجود كريم بنزيما في الطائف، ولو سمع نجم ريال مدريد والاتحاد الحالي قصيدة «المضيفات والممرضات» ولو عَلِمَ بعشق الضيف لتونس الخضراء لما سجل في مرمى الترجي وهو في ملعب الحوية على أقل تقدير.
لأول مرة أحضر مناسبة وأسمع شخصًا يتحدث بإسهاب عن الشاعر الأديب/ أحمد بن عبدالغفور عطار مؤسس ورئيس تحرير صحيفة عكاظ -يرحمه الله-. في تلك الليلة استعرض ابن معمر العديد من المواقف والذكريات أثناء مصاحبته للأديب العطار، وكان وفيًا له فلم يخفِ عن الحضور محبته وإعجابه بشخصيته، منذ أن كانا في (الديوان الملكي). وللأمانة ابن معمر أنصف العطار من خلال المواقف التي عايشها معه في الحل والترحال داخل وخارج المملكة، فقد استعرض الأديب/ عبدالرحمن قصة كتاب «صقر الجزيرة» للمؤلف أحمد عطار وطريقة فسح الكتاب بعد أن عارض متزمتون، بعض ما جاء فيه دون أن يطلعوا عليه، وأشار ابن معمر في هذا السياق إلى ذكاء الملك فيصل وعدله وبُعد نظره عندما وصلته كتابات المعارضين عن نشر كتاب صقر الجزيرة قائلًا: “وين رأي المؤلف الذي هو معني بالكتاب؟” وبعد أن استمع الملك فيصل لرأي العطار ووجهة نظره أمر جلالته بفسح الكتاب.
في أكثر من قصة يؤكد عبدالرحمن بن معمر على بلاغة ودهاء وذكاء العطار وعلى سرعة بديهته في الرد، سواء معه شخصيًا أو مع غيره من خلال المواقف التي كانت بحضرته، ولم يبخل أبو بندر على الحضور بسرد قصة سفره مع العطار بسيارته الخاصة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، ولا عن تفاصيلها (الظريفة) فقد سافر الأديب العطار لتحصيل مبالغ أحد مؤلفاته من أصحاب المكتبات التي تعاملت معه. وكيف كان ابن معمر يستمتع بمرافقة العطار حتى لو كان على حسابه الخاص. كما استعرض ابن معمر قصة ذهابه لدولة تونس التي أحبها وعشقها وأقام فيها فترة طويلة، إسوة بالأديب طاهر زمخشري، وسرد مواقفه مع العطار، وذكر منها قصة تُعبّر عن دهائه عندما أبلغه بطلب شخص سعودي يريد منه التدخل لمعالجة مشكلة عائلية مع أهل زوجته التونسية، وكيف كان خطابه لأسرة الزوجة مليئًا بالمكر والدهاء حتى أقنع أهل الزوجة وتم حل المشكلة.
لقد ضحى الأديب عبدالرحمن بن معمر بالعديد من الفرص في العاصمة الرياض، ومنها وظيفته من أجل العودة لمدينة الطائف ومجالسة المثقفين ومصاحبتهم، فقد تأثر بشخصية أحمد عبد الغفور عطار، وهذا ما جعل ابن معمر أديبًا أريبًا، لكن في المقابل أكثر ما لفت نظري في تلك الليلة تصريحه الصريح وهو رئيس التحرير السابق عندما قال بصوتٍ عالٍ: “أنا أديب ولست صحفيا”. فكثير من الناس يخلط مابين الصحافة والأدب وهي قصة جدلية قديمة بين الصحافيين والمثقفين.
حقيقةً أكرمنا الأديب ابن معمر بوجبة أدبية وكعادة الأديب عبدالرحمن ينشر الفرح والسعادة التي أصبحت له ثقافة وعادة، كان كريمًا مع الحضور يلبي طلباتهم بأسلوب قصصي جميل. كانت ليلة جميلة بجمال روح مضيفنا الدكتور عايض، تعرفت فيها على شخصية أدبية جميلة ممثلة في الأديب/ عبدالرحمن بن معمر، فهي ليلة مختلفة عن كل الليالي، حظينا فيها بوجبة أدبية من الأديب ابن معمر ووجبة العشاء الفخم من الكريم أبو محمد كثّر الله خيره. ثم غادرت باتجاه طريق السيل مستمتعًا بالقصائد واللطائف غير أن الظلام والمنعطفات وتجاوز الحافلات نسيت قصيدة «المضيفات والممرضات».
ختامًا
أتمنى من الأديب عبدالرحمن بن معمر، أن يؤلف كتابًا خاصًا عن رفيق دربه، الأديب الكبير، رئيس التحرير أحمد عبدالغفور عطار، فهذه الشخصية الفذة تستحق أن يفرد لها عناوين، وما لدى الوجيه ابن معمر من مواقف وذكريات يكفي لعمل مجلدات.
شكرًا للدكتور/ عايض صاحب العكايظ، فعادة أبو محمد يمد جسور التواصل مع الأصدقاء؛ فتشعر معهم بحلاوة اللقاء.