في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف المعيشة وأرهقت جيوب الناس، ما بين غلاء الأسعار، ورسوم الخدمات، وغرامات المخالفات، وفواتير الكهرباء والاتصالات والمياه، نُلاحظ أن الأمانات لها النصيب الأوفر من مداخيل تلك الأموال، فإذا تجاوزنا شركة (إجادة) التابعة للأمانات، وما تفرضه من غرامات ضخمة على قطاع التجارة من المنشآت الصغيرة والمبتدئة، وعلى ما تتحصله من فرض رسوم مواقف أمام العمائر التي هي أصلًا ضمن صك الملكية لأصحاب العمائر، أقول: إذا تجاوزنا ذلك كله، وركزنا على مخالفة أخرى باهظة ومكلفة بشكل غير معقول، وهي مخالفة صاحب العمارة الذي جمع ما تيسَّر من ماله واقترض عليه ليبني مسكنًا يأويه ويأوي أسرته، فيجد الأمانة له بالمرصاد والترصد لكل شاردة وواردة، نعم التجاوز ممنوع والمخالفة غير مقبولة، ولكن يجب أن تراعي الأمانات اهتمام الدولة بزيادة تملك المواطن، فكثير من المواطنين يعتمد بناؤه على دفعات البنك، وبعضهم يتوقف عن إكمال البناء بالسنة والسنتين لعدم توفر السيولة، ولهذا لا بد أيضًا من مراعاة الحالة المادية للناس ونوعية المخالفة ومقدارها، فليس من المعقول أن تتضاعف مخالفة المتر الواحد بشكل مبالغ فيه، لتصبح عبئاً على المواطنين داخل حدود ملكه.
هل هذا معقول ومقبول ؟؟!!
أنا لا أبرر الخطأ ولا أؤيد مخالفات البناء، ولكن لا بد من مراعاة الظروف الإنسانية، خصوصًا عندما تكون تلك المخالفات محصورة في نطاق حدود ملكية صاحب العمارة بموجب الصك الشرعي، فإذا كان لم يقتطع جزءًا من الشارع ولم يعتدِ على جاره بالتجاوز في ملكه، فلماذا إذن يُغرم على مخالفات لم تسبب ضررًا لا على الدولة ولا على الجار؟
كلنا أمل في أن تراجع الأمانات أنظمتها وتخفف من الآثار السيئة التي تسبب الأذى للمواطنين، فدولتنا ولله الحمد دولة غنية، بقيمها وأخلاقها وأنظمتها ودعمها وتمكينها للمواطنين من التملّك، وما أتاها الله من خيرات ومميزات اقتصادية ليس لها مثيل في بقية الدول، أتمنى من الأمانات خصوصًا ومن بقية القطاعات الخدمية الأخرى، أن تعتمد في مصروفاتها على ميزانياتها الضخمة التي تخصص لها من قبل الدولة، وأن تخفف بالقدر المُستطاع من كثرة الغرامات التي ترهق كاهل المواطن، وفق الله المخلصين لهذا البلد الأمين، وحفظ الله لنا أمننا واستقرارنا وولاة أمرنا.