عندما طرحت مقالي السابق بعنوان: الزواج الجماعي بين الرفض والتأييد لاحظت أن المؤيدين له فئة قليلة مقارنة بالرافضين؛ وعلينا أن نحترم وجهة نظر الجميع وكلٌ ميسر لما خُلِقَ له وعلى قد لحافك مد رجولك (أعزكم الله)؛ ولذلك ما هو ضروري إقامة زواج جماعي ولا ضير في إقامة حفلات الزواج الفردية دام أن ذلك رغبات شخصية لا تتعارض مع الثوابت والقيم الاجتماعية ولكن تذكروا أن (أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً)، وكلمة “مَئُونَةً” من وجهة نظري لا تعني المهر فقط بل إنها تشير إلى جميع نفقات الزفاف، بما في ذلك المهر، وبطاقات الدعوة، وقاعات الزفاف والملابس وتكاليف العشاء وما يتبعه من مستلزمات وكماليات.
وفي زمن الطيبين ذلك الزمن الجميل الذي كانت البساطة جوهره وتوفير الضروريات مطلبه والتعاون سبيله، كان الأب يبحث لابنته عن الشاب المحترم بغض النظر عن إمكاناته المادية أو ظروفه المعيشية، المهم أن تعيش ابنته في محبة ووئام مع من رضا دينه وخلقه، ولم يكن البحث عن المظاهر مطلبًا أو التفاخر بالشيلات مكسبًا أو إحياء الحفلات هدفًا؛ ولذلك أطلقت عليه مجازًا الزمن الجميل!!
أما في الآونة الأخيرة فقد برزت في مجتمعنا كثيرًا من المبادرات الفردية التي تنادي بالزواج الميسر والحضور المختصر تزعمها شيوخ ورموز وأعيان لهم تقديرهم واحترامهم، وفي حقيقة الأمر هم لا ينقصهم عدد الحضور، ولا يضيرهم صعوبة الأمور، وإنما كان هدفهم الاقتداء بهم وممن سار على نهجهم لما في ذلك من تيسير على الشاب وشريكة حياته وابتعادًا عن مظاهر المزايدات والمنافسات غير الشريفة التي يقودها رجال ونساء لاهَمَّ لهم سوى الصعود على أكتاف الآخرين بداعي فرحة ليلة العمر التي لا تلبث أن تنتهي ويستمر العريس وعروسته في اجترار مرارتها بدلًا من الاستمتاع بعسلها.
الخلاصة.. أن الفرح مطلب وإشهار الزواج سنة نبوية وإقامة مراسم الزواج المختصرة والولائم البسيطة محبب للنفس البشرية، وكل شاب وفتاة ينتظرون ليلة فرحهم بفارغ الصبر، وكذلك آبائهم وأمهاتهم ولكن المبالغات في ذلك تجاوزت الحدود وأثقلت الكاهل.
والمسؤولون في الدولة -يحفظهم الله- يحثون على تيسير الزواج للشباب وتخفيض المهور والاختصار في الولائم وتقنين المناسبات؛ تحقيقًا لمصلحة تلك الأسرة الصغيرة التي في مقتبل الحياة.
وبقي الدور المهم للمجتمع بشيوخه وشبابه ورموزه وأعيانه ومفكريه وكافة شرائحه؛ بالتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق وتشجيع الشباب على ذلك، ومن سَنَّ سُنَّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ودامت أفراحكم.
• كاتب رأي ومستشار أمني