تُطلق هذه الكلمة في الغالب للأشخاص الذين ينامون بالشوارع والممرات والأنفاق، والذين يعيشون حياتهم بشكل خارج عن مظاهر الحياة التي يعيشها الإنسان الطبيعيّ ومنظرهم الخارجي رث متسخ مخيف لا يستطيع الإنسان العادي التعامل معهم والاشمئزاز منهم. ويعود ذلك لعدة أسباب منها اقتصادية واجتماعية؛ فهم عاجزون عن دفع ما يؤمن لهم لقمة العيش أو سد حاجتهم، ويقضون حياتهم في الشوارع وفي العراء وتحت الأنفاق والجسور أو في سيارات، وبعضهم يتخذ المرافق العامة كالحدائق مأوى لهم خلال ساعات النهار، وهذا يؤثر على الإقبال عليها من السياح ومرتادي هذه الأماكن؛ إضافة إلى أنّهم قد يُلحقون الضرر بالممتلكات العامة، وقد تجاوز بعضهم بآخذ المساجد مأوى لهم.
ولوحظ في الآونة الأخيرة في مدينة جدة تزايد هؤلاء في عدد من الأحياء بعد التطوير الذي تقوم به حكومتنا الرشيدة في الأحياء العشوائية وغير النظامية التي كانت تأويهم، وهذا يؤكد لنا خطورة هذه الأحياء التي كانت عائقًا لدى المسؤولين لاحتوائهم ومعالجة أوضاعهم. فهم الآن يتجول بدون هدف مشيًا على الأقدام وشبه عُراة متسولين قوتهم اليومي وغالبًا ما يكون هؤلاء الأفراد لديهم مشكلات صحية أو عقلية أو تعرضوا لصدمات نفسية معقدة، وقد يكون بسبب نقص التعليم والتدريب أو نتاج الإهمال من أسرهم أو الهروب من العقاب والعنف، وقد يكون بسبب تعاطي المخدرات.
وهنا أوضح آثار التشرد النفسية والاجتماعية على أنفسهم والمجتمع منها: الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية كانفصام الشخصية، والاكتئاب، والقلق، والاضطراب الثنائي القطب، والاضطرابات المتعلقة بتعاطي المخدرات
وانتشار اليأس والإحباط بسبب الظروف الصعبة والسيئة التي نجم عنها تراكمات سلبية مستمرة تسببت في انخفاض الروح المعنوية لديهم إصابتهم بأنواع مختلفة من الأمراض النفسية، وزيادة أعمال العنف والجرائم والإقدام على الانتحار، وكذلك انتشار الأمراض المعدية في المجتمع بسبب عدم النظافة والنوم في الأماكن الملوثة والمحاطة بالنفايات، وقد يتم استغلال المشردين للعمل في نقل او تعاطي المخدرات أحيانًا مما يُشكل خطرًا على المجتمع كافة.
وأخيرًا من آثار التشرد انتشار ظاهرة التسول؛ إذ يعد أحد أكثر الأعمال التي يقوم بها المتشردون، فيوجدون في أي مكان لاستعطاف الناس بالتسول. وهنا أود أن الفت النظر إلى أن زيادة أعداد السائحين من أهم أهداف قطاع السياحة في رؤية المملكة 2030؛ حيث تهدف المملكة إلى زيادة عدد الزيارات السنوية للمملكة إلى نحو مئة مليون زائر بحلول عام 2030 لكن مع وجود المشردين بهذه الطريقة قد يؤثر سلبًا على القطاع السياحي.
وهنا تقع المسؤولية على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية؛ حيث يجب عليها القيام بدراسة أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، والقيام بتعديل سلوكهم وتوفير الملبس والمسكن والغذاء والعمل المناسب لهم ومحاولة تأهيلهم؛ ليقوموا بدورهم الإيجابي لخدمة المجتمع. كذلك يجب تفعيل وتوحيد الجهود لجميع المؤسسات الحكومية والخيرية، وتحقيق أهداف الجمعيات الخيرية ومكافحة التسول؛ حيث يُحظر التسول بصوره وأشكاله كافة مهما كانت مسوغاته، وتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية لهم بحسب احتياج كل حالة وفقًا للأنظمة والقرارات ذات الصلة.
– جدة