في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية كانت تربية الحمام تحظى باهتمام الشباب؛ حيث لا يوجد في ذلك الوقت ما يشغل وقتهم مثل التنوع الكبير الذي يعيشه جيل اليوم، والذي تطورت فيه الهواية والعشق وأصبحت الفتيات يربين القطط.
يحكى أن كان هناك شخص يهتم بتربية الحمام، وفي أوقات متفرقة على مدار اليوم يسمع جيرانه صوت المطرقة المُزعجة، وهي تضرب رأس المسمار في ظهر الخشب الذي اقتناه لبناء (الصندقة) فقد قرر أن يبني صندقتين واحدة في فناء المنزل (الحوش) والأخرى على السطح، ويأمل أن يكون من كبار التجار في سوق الحمام، فتفنن في عمل المحاكر التي يعيش فيها (الزوج)، (الذكر والأنثى) وكانت الصندقة عبارة عن خليط من أنواع الحمام مثل (الصنعاني والبغدادي، والكويتي والقطيفي والباكستاني، والقلاب وأغلبه من الفرنسي)، وأصبح فيما بعد لا هم له إلا مراقبة الصندقة ويستكشف ما يدور فيها بعد أن هيأ لهم الأكل والماء ووزعه في أواني متفرقة في الجهات الأربع، وبدأ مهمة البحث عن البيض، وظل يراقب كل محكر والأبراج التي يبيض عادةً فيها الحمام، وظل على هذا الحال لعدة أشهر حتى كوّن فكرة عن الحياة داخل الصندقة، وأصبح يعرف (الذكر) المنتج من العاطل وكانت عينه على ذكر يتنقل بين المحاكر الأخرى، مرة في المحكر الصنعاني ومرة عند القطيفي، وغالبًا مع الفرنسي ولا يلتزم بمكانه داخل المحكر مع الأنثى. كما كان يراقب تحركات الأنثى وهي داخلة وخارجة من المحكر الخاص بها، ومن كثر تتبعها عرف الأبراج التي تحاول البيض فيها ولكن لم تكتمل فرحته لقلة إنتاج البيض ولم يزد عدد الحمام كما كان يأمل، أصبحت الحياة داخل الصندقة عبارة عن (مضاربات) وصراع أكثر من الإنتاجية مما جعله يستعين بصديقه الخبير في تربية الحمام، وبعد أن عرض عليه المشكلة أهداه ببغاء خبير بلغة الطيور ويتحدث العربية، وقال لا تخبر المنتجين، فجلس مع الببغاء في صالة المنزل وأخبره بالمشكلة وقال إذا عرفت السبب سوف أطلق سراحك في الهواء الطلق”، قال الطير “سم طال عمرك”! واندهش الرجل من فصاحة الببغاء وثقته في نفسه، وأخبره بأنه سوف يطلعه بعد صلاة العصر بجوار صندقة الحمام، وطلب منه نقل ما يدور بينهم بحكم معرفته بهم. وافهمه أن هذه الصندقة غير منتجة بخلاف التي في الحوش تدر عليه عشرات البيض يوميًا، رد الببغاء وقال: “أبشر بعزك”، طلع الببغاء وبدأ يتصنت على الحمام وسمع كلام كثير يدور داخل الصندقة وأحتفظ فيه لِمَا بعد، وأكتفى بالموضوع الذي جاء من أجله ومن خلال متابعته وجد الحمام يعبّر عن معاناته باستحياء من خلال بعض الأغاني فسمع هديل حمامة بصوت حزين تترنم على أنغام كوكب الشرق:
فات من عمري سنين وسنين
شفت كثير، كثير وقليل عاشقين
اللي بيشكي حاله لحاله
واللي بيبكي على مواله
أهل (السطح) صحيح مساكين، صحيح مساكين
بينما في ركن الحمام الصنعاني تنوح الحمامة قائلة:”فيوز القلب محروقة، وفي جسمي ضربني ماس، حتى الأكل ما أذوقه”
وبعد أن أنتهى الببغاء من الرصد صاحت الحمامة الفرنسية بجرأة في وجه الذكر الفرنسي وقالت له: أطلع يا (مثلي) فسكت الحمام من هول الصدمة واغمض الببغاء عينه ماخذ وضعية (اعمل نفسك ميت) ولاحظ أن (الفرنسية) تمثّل كل الحمام فتحالفوا معها وطالبوا بإخراج الذكر الفرنسي من الصندقة.
ختامًا
استعرض القرآن الكريم الكثير من الآيات عن الحيوانات والطيور بعضها استفاد منها الإنسان، وأصبحت قاعدة عامة في حياته مثل (دفن الغراب)، من جانب آخر هناك العقول التي تخالف الفطرة التي جاء بها الإسلام، وتحاول أن تشرعن الشذوذ الجنسي للبشرية.
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)) (الفرقان: 44)