المقالات

الباحة والسياحة “موسم الهجرة إلى الجنوب”

في العنوان أعلاه تكون جهة الهجرة عكس الجهة في عنوان رواية الطيب صالح “موسم الهجرة إلى الشمال” التي سافر بطلها من الجنوب “إفريقيا” إلى الشمال “أوروبا” وتحديدًا إلى بريطانيا لطلب العلم والعمل.. إلى نهاية أحداث الرواية المعروفة، بينما الهجرة في فصل الصيف اللاهب في المملكة العربية السعودية تكون غالبًا إلى الجنوب هروبًا من الحرارة الشديدة في مناطق وسط وشمال وشرق وغرب المملكة، وبحثًا عن الجو المعتدل في الجنوب على قمم جبال السروات والاستمتاع بأمطارها المدرارة وهوائها العليل وجمال طبيعتها، وبما هيأته الجهات المختصة للمصطافين من مناشط ثقافية وتراثية وفنية.

وفي بداية إجازة الصيف التي توشك على الرحيل، شديت رحالي كغيري من أبناء منطقة الباحة لقضاء الإجازة في رحابها باعتبارها المنطقة التي ولدت وترعرعت فيها، وهي واحدة من أهمّ مناطق الجذب السياحي بما حباها الله تعالى من مناخ معتدل وما رزقها من أمطار غزيرة هذا العام ارتوت على إثرها الأرض، واستمر جريان المياه في الأودية، وتدفقت الشلالات، واكتست الجبال باللون الأخضر الزاهي، وتوزع الجمال بين أوديتها وجبالها ومزارعها ومتنزهاتها وقلاعها ومتاحفها وأثارها، التي شهدت إقبالًا كبيرًا من المصطافين من داخل المملكة وخارجها.

وقد هيأت الجهات ذات الاختصاص برامج ترفيهية متنوعة ثقافية وتراثية وفنية مثرية لأهالي المنطقة وزوارها، وتوَلّى الأهالي ترميم القرى والقلاع والحصون والبيوت التاريخية بتشجيع ودعم من الحكومة الرشيدة كما هو الحال ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ في قرية ذي عين التراثية والقرية التراثية بالأطاولة وقرية آل موسى التراثية وقلعة بخروش بن علاس وقصر بن رقوش وقلعة الملد التراثية والقرية التاريخية ببالجرشي وغيرها من المواقع الأثرية، وأقاموا المتاحف التي تعرض المقتنيات والأدوات الأثرية التي كانت سائدة لتصبح مزارًا للراغبين في الاطلاع على تاريخ وثقافة المنطقة.

كما بادر أهالي منطقة الباحة إلى إقامة المهرجانات الصيفية التي تعرض لزوارها التراث المحلي بمختلف صنوفه، وكذلك الفنون والرقصات الشعبية التي تؤديها فرق الفنون بحرفية عالية وتجد قبولًا عاليًا ومشاركة من الحضور في أدائها.

وعمل أهالي المنطقة على تطوير بعض المزارع؛ لتصبح جاهزة لاستقبال المصطافين وزودوها بالأكشاك والخدمات التي يحتاجها الزوار خلال تجولهم فيها للاطلاع على الثراء الذي تتمتع به المنطقة من الأشجار المثمرة، وطرق زراعتها وريها والاعتناء بها.

وشهدت المتنزهات والأودية والشلالات إقبالًا كبيرًا من المتنزهين الذين توافدوا عليها من داخل المملكة ومن دول الخليج وغيرها من الدول العربية والأجنبية.

وتبقى البنية التحتية هي المشكلة التي يشكو منها زائرو المنطقة، وفي طليعتها شحة المساكن والنزل المهيأة لاستقبال الأعداد المتزايدة من المصطافين في كل عام وارتفاع أسعار المتوفر منها، وكذلك مشكلة ضعف شبكة الاتصالات.

وفي المقابل يُلاحَظ على بعض المتنزهين عدم اهتمامهم بترك المكان نظيفًا عندما يغادرونه؛ ليستفيد منه منتزهون آخرون بعدهم.

علي بن هجّاد

كاتب صحفي - مدير التحرير بـ(واس) السابقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى