عام

بدر كريم رجل الإعلام ورمز الإذاعة

(في عام 1419هـ أمضت الإذاعة نصف قرن من عمرها، بلا ضجة ولا ضوضاء؛ إذ لم يشأ القائمون عليها أن يذكروا الناس كيف كانت هذه الإذاعة؟ وكيف أضحت؟ أو كيف تطورت رسالتها؟ ولا عرفتهم على جيل الرواد الذين أسهموا بجهد بارز في تثبيت دعائمها)
هذا ما كتبه في مذكراته الإعلامي الراحل الدكتور بدر أحمد كريم، في كتابه (أتذكر)، الذي يتذكر فيه كيف كانت بدايته مع الإذاعة، وكيف بدأ كفاحه من نقطة الصفر، وهو كتاب يُعد مرجعًا مهمًا في مسيرة الإذعة، وهو رصد شامل لحياة أحد رواد الإعلام وصُناع التجارب في الزمن الصعب.
كم هو عجيب حقل الإعلام هذا ؟! فهو يصنع نجومية الكثير، ويشتهر بواسطة وسائله المختلفة العديد من النجوم والأشخاص، لكن الذين يصنعونه والذين أسهموا في تطوره، من رواده المبدعين الذين كانوا جزءًا من تاريخه، يتجاهلهم الإعلام ولا يتذكرهم القائمون عليه، وفاءً لهم وتكريمًا لعطائهم.
بوفاته ورحيله عام ١٤٣٦ هـ خسر الإعلام بكل قنواته فارسًا من فرسانه وأحد صُناع تاريخه وهو الذي أفنى حياته مجاهدًا في ساحاته المختلفة مذيعًا ومسؤولًا وصحفيًا وأستاذًا أكاديميًا في الإعلام، وجدير بقصة كفاحه أن تكون حافزًا للطامحين الباحثين عن النجاح.
بدر كريم .. الإعلامي العصامي الكبير ..

علامة بارزة في مشوار الإذاعة وفي إعلامنا عمومًا، بل هو مثال فريد في الكفاح والإبداع والتميز في العطاء، لم تثنيه الحواجز والعوائق عن تحقيق طموحاته الكبيرة، بدءًا من الشهادة الابتدائية التي توظف بها حتى وصوله لشهادة الدكتوراة التي هيأته ليكون أستاذًا جامعيا مُحنكًا وخبيرًا في مجاله.
لقد أدرك وزير الإعلام وقتها معالي الشيخ جميل الحجيلان أن من وجهه يمكنه بمؤهله الدراسي البسيط وبخلفيته الثقافية المحدودة أن يصبح مذيعًا لامعًا، وقد برهن بدر كريم له وللمسؤولين بعصاميته وعزيمته وجهوده، أنه سيكون من الكفاءات وذوي الخبرة في الإعلام، وممن يفخر بهم الوطن، وأستاذًا جامعيًا في أكبر جامعاتنا واختير ليكون عضوًا في مجلس الشورى ؟
بدر كريم الإعلامي الرائد (رحمه الله) شق طريقه بطموح وعصامية متناهية، كان حظه أن سطع نجمه وتجلت مواهبه، مع نخبة من رواد الإعلام الذين تعلم منهم وتأثر بهم، أمثال:عباس غزاوي، مطلق الذيابي، محمد مشيخ وعبد الله راجح، وتعلم من الأدباء الذين لم يبخلوا عليه بتوجيهاتهم، الأساتذة: محمد حسين زيدان، أبو تراب، عزيز ضياء، وضياء الدين رجب.
من خلال معرفتي به وتعاوني مع إذاعة جدة، عندما كان مديرًا للبرامج، أستطيع أن أقول: إن أبا ياسر -رحمه الله-، كان لديه حس عال نحو واجباته وإنصافه للمخلصين ممن عملوا معه وأدوا واجبهم على أفضل ما يكون الأداء بكل إخلاص وإتقان، وهو الذي مارس عمله الإذاعي، ليس كموظف له مسؤولياته وواجباته، ولا باعتباره مسؤولًا يتولى مهام الإدارة والإشراف على مرفق إعلامي له حساسيته وأهميته كالإذاعة. بل مارس عطاءه بإبداع وحرفية، لذلك كانت إذاعة جدة في أزهى عهود تألقها ونجاحاتها وتفوقها في الفترة التي كان فيها مديرًا لها، ومطورًا لهيكل برامجها. في وقت كانت فيه المعايير أكثر صرامة وقيودًا والتنافس بين الإذاعات على أشده ولم يأخذ التلفاز دوره في المنافسة لذلك كان يوحي للجميع أن العمل في الإذاعة ملهم ومحفز على العطاء.
رحم الله (بدر كريم) الذي كان رمزًا للنجاح والطموح.. عاشق الإذاعة.. أستاذ الإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى