إن جيلي الذي ذهب إلى الصف الأول الابتدائي سيرًا على الأقدام قبل تدشين طريق أبها الطائف تحتفظ ذاكرته بقلة الموارد، وكان هذا نتيجة طبيعية لعدم وفرة الطرق الرئيسة فلا تكاد تُشاهد هذه السيارة إلا في أوقات متباعدة، ولا ندرك ماهيتها فضلًا عن أسماء أجزائها.
وبعد إنجاز طريق الملك فيصل الحالي شعرت بأن ذاتي تألقت في فهم فوائد المواصلات والطرق؛ لأنها الوسيلة التي تُعايش القرية مع غيرها من القرى والمدن والأسواق، ولو جزمتُ بفائدة شق الطرق كأولوية تسبق المدارس والجامعات لأستصوب القارئ قولي، وإلا فما فائدة معلومة نظرية أو فكرية لم يُكتب لها نجاح تجربتها في هذا الكون الإنساني الفسيح.
وقد كتبتُ مقالًا قبل ربع قرن بعنوان (منجزات الخير والإنماء) ذكرتُ فيه ما وصلت إليه منطقة عسير وكافة أرجاء الوطن من التقدم في شتى المجالات التي وبحمد الله نسابق فيها معظم دول العالم ومع الأعوام تحقق التقدم والتميز الذي سجله تاريخ ازدهار وطننا على امتداد تاريخه عبر ثلاثة قرون من العز والمجد.
ولا ريب أن التطوير الذي يشهده الوطن الغالي يحث السير منذ عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله- ومن بعده الملوك الأبرار حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -رعاه الله- وسمو ولي العهد الأمين.
حتى اكتمل عقد النهضة الشاملة القائمة على أسس راسخة وبنية تحتية تم التخطيط لها برؤية سامية تستشرف المستقبل.
ومنطقة عسيركجزء من هذا الوطن العظيم تمتلك المقومات الطبيعية والبشرية التي أهلتها لتكون إحدى أهم روافد الاقتصاد الوطني المتنوع الذي بُنِيت عليه رؤية المملكة 2030.
وعندما أطلق الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية -رعاه الله- استراتيجية تطوير منطقة عسير تحت شعار “قمم وشيم”، استقبلها الشعب بالحب والفرح والامتنان لما لها من دور في دفع عجلة النمو الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة؛ لتتواءم بهذه الخطط الاستراتيجية مع أجهزة الدولة
آخذة بعين الاعتبار الميز النسبية للمنطقة ونقاط القوة مثل جمال المناظر الطبيعية الخلابة والبيئة المتنوعة في قمم الجبال وفي الشواطئ، وعلى امتداد السهول بجمالها الأخّاذ الذي جعل من هذا التنوع في التضاريس تميزًا في التراث الثقافي والتقاليد الراسخة التي أدت إلى قوة وترابط المجتمع.
يشرف على هذا العمل السامي العظيم الذي لم أذكر إلا جزءًا يسيرًا منه سمو سيدي صاحب السمو الملكي تركي بن طلال امير منطقة عسير -رعاه الله- الأمير الحكيم والقائد الذي يواصل الليل بالنهار والعام بالآخر، وهو في عمل قيادي وإشرافي متميز حتى تحقق للمنطقة بجهوده بعد الله إصلاح القلوب قبل الدروب لإيمانه أن الإنسان هو مرآة للمكان مما جعل المجتمع في عسير يضرب أروع الأمثال في التصافي والتصالح وتبادل الزيارات المجتمعية المدنية بكل محبة وإخاء تجعل من منطقتنا -بإذن الله- وسائر مناطق الوطن مشاعل للنهضة الشاملة بما تهيأ من خدمات تؤدي إلى تحقق جودة الحياة مما يجعلها وجهات سياحية منافسة عالميًا؛ لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ودام عزك يا وطن.
– مشرف تربوي متقاعد