هل جربت يوماً أن تكون شخصاً ثرثاراً ؟
أو هل سبق وقال لك أحدهم أنك شخصاً تعشق الحديث بكثرة ؟
في هذه المقالة سوف نبحر في عالم ثرثرة الحياة، وتشمل تعريف الثرثرة، أنواعها، مميزاتها وعيوبها، وما الذي يجب فعله عند مواجهة الأشخاص الثرثارين والمساعدة لمعالجتهم.
تُعرف الثرثرة على أنها كثرة الكلام، وهي صفة غير وراثية في معظم الاحيان، ولكنها عادة ما تأتي مكتسبة، وسميت بذلك لأنها ليست مرتبطة بموضوع معين أو مجال معين أو وقت محدد، فيمكن للأفراد أن يتحدثوا في أي وقت وفي شتى المجالات دو التقيد بزمن معين، ويُطلق على الشخص الذي يتحدث كثيراً بأنه ثرثاراً.
وكثيرة هي المواقف التي تدل على انتشار الثرثرة في جميع المجتمعات دون تخصيص مجتمع عن آخر، سواء بسبب أو بدون سبب، كمثال فهناك من يرى أن من حوله لا شيء والسبب أن تعليمه ودراسته تفوق الجميع وهذه من الأخطاء الشائعة في حياتنا، فيبدأ في كل مجلس بالحديث عن مراحل تعليمه وعمله وحياته الخاصة وجميع إنجازاته، والذي عادة ما يكون الجميع على علم بها سابقاً، بسبب تكرار حديثه عنها، كأن جميع من حوله لا يعلمون من هو، وبالتالي يبدأ البعض في الانسحاب من حضور أي مجلس هو موجود به..
وهناك من يتقمص دور المتحدث الرسمي في مجال عمله، فيكون هو المقدم لفعاليات أي مناسبة في منشأة عمله، وبالتالي يتناقش مع الحضور بعد انتهاء أي فعالية في تلك المنشأة.
أما البعض الآخر فيتقمص دور الآمر الناهي في عائلته ومجتمعه الذي يعيش فيه، فأينما ذهب يأمر هذا وينهى ذاك وكأنه القائد المتحكم في مستعمرة عسكرية لها قوانينها وواجباتها والتي يجب على الجميع تنفيذها دون التفوه بكلمة، حيث لا يقبل النقاش أو أخذ الرأي، وهو من أصعب الأنواع التي نواجهها أحياناً في حياتنا الشخصية، والذي يعاني منها الكثير.
ومن أنواع الثرثرة:
– الثرثرة الصامتة : وهي تكون في النفس، فدائماً صاحب هذا النوع تراه هادئاً صامتاً لا يتحدث بشفتيه كثيراً، ولكن غالباً ما يتحدث بنظراته وعينيه اللذان تتحركان يميناً ويساراً.
– الثرثرة الكتابية: وهي عادة ما تكون عبارة عن كتابة مجموعة من المقالات، والتي تشتمل غالباً على عدد من المواضيع الاجتماعية المختلفة إضافة إلى المواضيع السياسية والاجتماعية والثقافية المتنوعة، كما تشتمل أيضاً كتابة الاشعار والقصص المختلفة، والتي تختلف من شخص لآخر، حسب اهتمامات الأفراد وابداعاتهم.
– الثرثرة الصوتية : وهذا النوع أكثر شيوعاً في غالبية المجتمعات الذي نعيش فيها، فتجد الكثير من الأفراد يختلق نوعاً من الأحاديث للتحدث عما في نفسه، او التحدث عن مهاراته وحياته، ومنهم من يتحدث كثيراً عما يدور في مجتمعه سواء كان ذلك بصورة إيجابية أو سلبية بحتة، كمن يخلق مواضيعاً للتحدث فيها مع الآخرين سواء كان على معرفة بهم أو لا يعرفهم بتاتاً.
– ومن أنواع الثرثرة المميزة، الثرثرة الفنية أو الثرثرة الإبداعية : وهذا النوع في نظري من الأنواع القليلة الوجود في مجتمعنا العربي بشكل خاص والمجتمع العالمي بشكل عام، فكثير هم الفنانون والمبدعون بأشكال مختلفة ومتنوعة سواء في الثرثرة عن طريق الرسم بأنواعه المختلفة أو الثرثرة الموسيقية، حيث إن بعضهم يعبرون عن مشاعرهم بالعزف على أدواتهم الموسيقية المفضلة أو كتاباتهم.
كما أن الثرثرة لها قسمين أساسيين: أحدهما إيجابي وهي الأفضل على الاطلاق، ففيها تشجيع الافراد على التحدث بطلاقة، كما أن فيها تنمية لمهارتي فن الالقاء والخطابة والوقوف أمام الجمهور دون الشعور بالخوف أو الارتباك واطلاق العنان للتعبير عما في النفس من مشاعر وأحاسيس.
أما القسم الآخر فهو الثرثرة السلبية، وهي المنتشرة لهذا المصطلح الشائع ، وغالباً ما تكون السبب في نشر الكلام السلبي سواء بين الافراد أو بين المجتمعات المختلفة .
فهل الثرثرة سلبيه فقط ؟
فالجانب الايجابي موجود، خاصة في تكوين العلاقات الاجتماعية، وراحة نفسية لمن يعاني من الكتمان، ولمن فقد الثقة فيمن حوله، والابداع فيمن يملك موهبة شخصية لم يكتشفها من حوله خاصة في مجال الفنون كالالقاء والخطابة، فهي تكسر حاجز الخوف والرهاب الاجتماعي في مثل هذه الحالات.
أما الجانب السلبي من الثرثرة، فهي كثيراً ما تسبب الفتن والغيبة والنميمة بين الأشخاص، كما أنها السبب في قطع العلاقات بين العائلات، واصابة الكثير منهم بالأمراض النفسية المختلفة كالاكتئاب وغيرها من الامراض، بالإضافة إلى أنها تدفع بعض الأفراد إلى حالات الانتحار وإدمان المخدرات وغيرها الكثير من العيوب، وكل ذلك بسبب الثرثرة غير اللازمة في الحياة.
ولمملكتنا الحبيبة دور فعال ومميز في إنشاء المراكز التعليمية والثقافية والتي تساعد في تنمية المواهب المتنوعة كالإبداع في القراءة والكتابة والرسم وفن الخطابة والالقاء، كما أنها تعتني بالأفراد الموهوبين خاصة لمن يمتلكون تلك المواهب، والتي غالباً ما يفتقدون قيمتها لدى أنفسهم بشكل خاص ولدى أسرهم بشكل عام .
هنا نأتي أنه يمكننا تغير الفكر العام عن كلمة ” ثرثرة ” دون مقاومة من كلمة تعرف وتصف بالسلبية الى كلمة ترمز للايجابية والابداع .
شكراً عزيزي القارئ لقرائتك هذه الثرثرة .
دمتم بخير