سؤال مُجرد
جماهير كل الأندية السعودية رائعون بلا شك، ويستحقون الاحترام والتقدير على كل ما يقدمونه لأنديتهم، بصرف النظر عن حجم المدرج وطريقة حضوره لكل نادٍ، ولكنني سأتحدث عن حالة خاصة واستثنائية حدثت تحديدًا خلال الموسم الماضي وبداية الموسم الرياضي الحالي مع انطلاق دوري روشن السعودي، وهي حالة جمهور النادي الأهلي السعودي.
لقد كانت المباراة الافتتاحية للموسم، التي جمعت بين فريقي الأهلي والحزم، نموذجًا إبداعيًا وملهمًا في المدرجات، على الرغم أن المباراة كانت في استاد الأمير عبدالله الفيصل بجدة، فكيف لو أنها كانت في ملعب الجوهرة، حيث امتلأت المدرجات بالكامل، وكان الزحام خارج الملعب بأعداد كبيرة تُوازي أعداد من دخلوا الملعب إلا أنهم لم يتمكنوا من الدخول.
كان المدرج بأكمله عبارة عن لوحة فنية متكاملة، باللون الأخضر “لون الحياة” والأعلام التي تحمل شعار النادي والشعارات المُلهمة وصور اللاعبين المحترفين الجدد المنضمين للفريق، والألعاب النارية والدخانية، توجها الحضور اللافت للرابطة بقيادة المهندس بدر تركستاني وعادل الحازمي وبقية أعضاء الرابطة المبدعين، الذين بدأوا بنشيد النادي ثم الأهزوجة المبتكرة “اشكون انتوما” باللهجة الجزائرية، احتفاءً بقدوم النجم الكبير رياض محرز، التي لاقت إعجابًا كبيرًا وإشادة من برامج رياضية وإخبارية ومحللين متخصصين من كل العالم، وكان حضور هذا المدرج هو الأبرز في كل مباريات الجولة الأولى من دوري روشن السعودي، حتى إن أحد المحللين الرياضيين العرب قال مقولة جميلة: “جمهور الأهلي له جمهور”.
هذا الحضور اللافت، شهد إشادات عديدة من قنوات عالمية وإقليمية ومحلية، حتى إن صورة المدرج الأهلاوي تصدرت صفحات صحيفة الجارديان الشهيرة وغيرها، وهذا أحد أهم مخرجات مشروع القوى الناعمة السعودية التي يستهدفها مشروع الشراكات والخصخصة للأندية الرياضية السعودية، ضمن رؤية أميرنا الملهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء (يحفظه الله).
لماذا جمهور النادي الأهلي السعودي حالة استثنائية؟!
لو عُدنا بالزمن قليلًا للموسم الماضي والذي قبله، سنجد الإجابة الواضحة، فعندما هُبط النادي الأهلي بسبب تضافر عوامل عدة أبرزها سوء الإدارة ورداءة التعاقدات مع المدرب واللاعبين، وقف الجمهور الأهلاوي مع ناديه وقفة عظيمة وغير مسبوقة على مستوى أندية العالم، ليس في مدرجات كرة القدم وحسب، بل في كل مدرجات الألعاب المختلفة، حتى حصد النادي الأهلي كافة بطولات الموسم في كافة الألعاب بإجمالي 53 بطولة في موسم واحد، وكان الحضور الجماهيري لمباراة واحدة يفوق حضور بعض مباريات دوري روشن.
هذا الوفاء، وهذا الانتماء، وهذا الحب، وهذا الشغف، كان أيقونة الموسم الماضي وحديث جميع المنصفين حتى من مشجعي وإعلاميي الأندية الأخرى ومحللي وبرامج القنوات المحلية والعربية، والشواهد كثيرة.
الأداء الجماهيري الراقي والمبدع والمبتكر والمحترم، رسالة وطنية لكل العالم قبل أن تكون رسالة رياضية أو تشجيع مجرد، أتمنى من كل جماهير أنديتنا أن يكونوا سفراء حقيقيين لرياضة الوطن، وأن يبتعدوا عن التعصب وعن الإساءة للأندية الأخرى أو لجماهيرها، وأن يكونوا سفراء حقيقيين لرؤية السعودية 2030، نحن نعيش في أعظم وطن، ويستحق منا جميعًا أن نكون واجهة مشرفة له، وانعكاسًا حقيقيًا لرؤية وتوجهات وتوجيهات قيادته الرشيدة (يحفظهم الله).