منذ كتابة مقال “الموسوعي البار د.بكري عساس” وجوالي لم بهدأ، فقد تلقيت سيلًا من الرسائل التي تشيد بأخلاق وعلم وتواضع الدكتور بكري، سواء من أصحاب المعالي أو أصحاب السعادة وأعيان المجتمع، أو بمحتوى المقال الذي أنصف معاليه على حد تعبيرهم، واعتبار ما جاء في المقال إشادة مستحقة بحق شخصية علمية سخرت نفسها للعلم.
طبعًا هذا واقع ملموس لكل من عرف الدكتور وتعامل معاه سواء في جامعة أم القرى أو في أي محضن من محاضن التعليم الأخرى، ولكن ما لفت نظري أن من بين تلك التعليقات، يقول أحدهم: “كأنك اتجهت للكتابة اليومية، وجميل أنك تجاري الموسوعي بكري عساس”، حاولت أتجاهل هذا التعليق بالذات لأني سبق وأن وضحت أنه ليس لدي الوقت الكافي للكتابة اليومية، ولكن بما أن الأخ المرسل حدد اسم الدكتور بكري عساس وبحكم إني أمون عليه ومطلع على جزء بسيط من برنامجه اليومي أجد نفسي مضطرًا للرد وأبيّن في هذا المقال ما يمكن أن يبرر ذلك.
أولًا: الدكتور بكري عساس تبارك الله لياقته المعرفية عالية، عسكر في بريطانيا وإيطاليا طوال الصيف الماضي وسط أجواء لندنية جميلة كجمال الشواطىء والأماكن التي زارها، بينما أنا عسكرت في مكة المكرمة وسط درجة حرارة تلامس الـ(٥٠) درجة مئوية متنقلًا في أرجاء أم القرى لمواكبة تغطية الحج وهذا المجهود في الصيف تحديدًا يستنزف الصحفي سواء كان محررًا أو كاتبًا.
ثانيًا: معالي الدكتور بكري عساس يكتب
على أنغام الطبيعة، وموسيقى الوطن، وأذكر ذات مرة وثق مقطع فيديو لأغنية “أنت ملك من قبل ما تصبح ملك” للفنان رابح صقر التي كان يعزفها أحد الموهوبين في شارع (نيو بوند) التجاري بمدينة لندن، وأرسله لي عبر الواتساب ثم طلبت منه كتابة مقال عن هذه اللفتة الجميلة ولبى الطلب سريعًا، ما يؤكد جاهزيته للكتابة في أي وقت، بينما أنا صدّعت من أصوات أبواق السيارات (البواري والونانات) في الحج.
ثالثًا: الدكتور بكري شخص مرتب ومنظم فهو ينام ويستيقظ مبكرًا ويخصص ساعتين من وقته يوميًا للقراءة في حديقة منزله، وسط زقزقة العصافير والتي تنعكس على مهارة الكتابة لديه، بينما أنا ضمن العسس اللذين عناهم محمد حسنين هيكل يسهرون الليل، ومع هذا أقرأ ثلاثة كتب يوميًا ابتداء من العنوان والمقدمة والفهرس ثم أنتقل للكتاب الأخرى وهكذا، على أمل الرجوع لتكملتها ولم أتمكن وسط مطاردة الأخبار العاجلة والهامة على مدار الساعة.
رابعًا: الدكتور درس في أعرق الجامعات العالمية واستفاد من الخبرات العلمية التي أشرفت عليه، بينما أنا في مرحلة الماجستير كلفني الدكتور بكتابة ثمان صفحات بخط اليد، وأعادني جزاه الله خير لذكريات المرحلة الابتدائية.
خامسًا: يتميز الدكتور بإجادة اللغة الإنجليزية التي اكتسبها في دراسته في أمريكا وبريطانيا، بينما أنا تعلمت منذ وقت مبكر اللغة الأندونيسية لمساعدة الأهل عند التخاطب مع العاملة المنزلية.
أخيرًا وهو المهم بالنسبة لي في هذا المقال، لا تظن أيها القارئ أنني أكيل المدح والثناء لمعاليه بقدر ما أقدمه أنموذجًا للقارئ النهم الذي أوجد حراكًا غير عادي في مجتمعه.
ختامًا
أرى أن القراء لهم علاقة مباشرة بالكتابة وهي أشبه بالارتباط بين الشهيق والزفير، وأكثر ما يميز الدكتور بكري معتوق عساس أنه يقرأ في الحل والترحال حتى في إجازته السنوية، وينقل تجاربه للأجيال فهو رجل القدوة والمواقف الإنسانية، يتنقل بنا رأسيًا بين جوانب التاريخ وأفقيًا بين جوانب الجغرافيا ودائريًا بين جوانب الثقافة التي تتعرف عليها من خلال مقالاته اليومية التي يقدم من خلالها وجبة معرفية للقراء وشخصيات أثرت الحياة بالعلم والمعرفة.