المقالات

يقولونَ مَرَّ وهذا الأَثَرْ!!

إنَّ الإنسانَ يولدُ في هذه الحياةِ، ويقضي فيها عُمُرًا، ثمَّ يُغادِرُها؛ لأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- لم يكتُبِ الخلودَ لبني الإنسانِ، بلْ جعَلَ لهم أعمارًا وآجالًا تطولُ وتقصُرُ بِقَدره سبحانه وتعالى، ولكنَّها تَفْنى في النِّهايةِ وتنقضي، وَهَذِه سُنَة الله ولن تجد لسنة الله تبديلًا.
وإنَّما الذي يَبْقَى من الإنسانِ بعد رحيلِهِ عَمَلُهُ وذِكْرُهُ..
وصدق الشاعر حين قال:
كل الأمور تزول عنك وتنقضي: إلا الثناء فإنه لك باقِ
ولو أنني خيرت كل فضيلة: ما أختر غير مكارم الأخلاقِ
يبقى له العملُ الذي تثقُلُ بِهِ موازينُهُ، ويستمرُّ به عَدَّادُ الحسناتِ في الحسابِ. فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطعَ عملُهُ إلا مِنْ ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو عِلْمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له).
إن السمْعَة والذكر الحسن هو محصّلَة عَمَل المرء وثَمَرة تَصَرُفَاتِه وَسُلُوكِيَاته في الحياة.
وقد أَحْسَنَ أميرُ الشعراءِ أحمد شوقي حينَ أطْلَقَ حِكْمَتَهُ البليغةَ:
وَخُذْ لكَ زَادَيْنِ مِنْ سِيْرةٍ … ومِنْ عَمَلٍ صالحٍ يُدَّخَرْ
وكُنْ رَجُلًا إنْ أَتَوا بعدَهُ … يقولونَ مَرَّ وهذا الأَثَرْ
والنَّاظرُ في السِّيَرِ والتَّواريخِ لا يجدُ أجدَرَ بحَمْلِ هاتينِ الفضيلتينِ وهما: فضيلةِ استمرارِ العملِ، وبقاءِ الذِّكْرِ الحسن، من المعلِّمِ.
فالمعلِّمُ يبقى أثرُهُ في تلاميذِهِ عملًا وذِكْرًا.
فكلُّ ما يعملونَهُ مسترشدينَ بما علَّمَهم إيّاهُ هو في الحقيقةِ جزءٌ من عملِهِ وَرِسَالتهِ.
ثمَّ هم لا يَفْتَؤُونَ يَذْكُرونَ بالخيرِ هذا الٌمعلمُ الذي أرشدَهم، ودّرَسَهُم وشقَّ لهم الطريقَ.
ومن هنا كانتِ الدولُ الحضاريةُ تنظرُ إلى المعلمِ نظرةَ اهتمامٍ وتقدير، وليس أجمل من جملة أطلقتها المستشارة الألمانية السابقة “أنجلا ميركل”، والتي تعتبر أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، كان ذلك في حضور مئات من القضاة والأطباء والمهندسين وحينما طالبوها بإضافة زيادة لرواتبهم شأنهم شأن المعلمين الحكوميين الألمان الذين حصلوا على الزيادة فاكتفت “ميركل” بإطلاق جملتها المشهورة “كيف أساويكم بمن علموكم واُعتبِرِتْ تلك الجملة في نظرِ الكثيرين يومها درسًا في الأخلاق الحميدة تمكنت من خلالها المستشارة الألمانية السابقة أنجلا ميركل من أن تعيد للمعلم مكانته وهيبته ليس في بلدها ألمانيا فقط بل في العالم أجمع”.
وأخيرًا فنقاءِ الذِّكْرِ والسُمْعَةِ الحسَنَةِ للإنسان. ليس بعدَ الموتِ فقط.. وإنَّما في الحياةِ الدُنيَا أيضًا.. بعدَ أن يُغادرَ الإنسانُ ميدانَ عملِهِ.
دعاني للكتابة بداية السنة الدراسية أسأل الله التوفيق والسداد لأبنائنا وبناتنا عماد المستقبل -بإذن الله- لهذه البلاد المباركة بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى