المقالات

قمة بريكس.. بداية عملية للتحوَّل إلى عالم متعدد الأقطاب

ثمة من يرى أن التحول من نظام عالمي أحادي القطبية إلى نظام عالمي متعدد القطبية استغرق زمنًا أكثر مما كان متوقعًا قبل نحو عقد ونصف عندما عقد أول اجتماع لمجموعة “بريك” التي أصبحت تُعرف بـ”بريكست” بعد انضمام دولة جنوب إفريقيا لها عام 2010، وحيث رفعت المجموعة منذ تأسيسها شعار “نحو عالم متعدد الأقطاب”. اليوم هناك أكثر من 40 دولة عبرت عن رغبتها في الانضمام إلى هذه المجموعة التي تزداد قوة وفاعلية يومًا بعد يوم؛ وحيث تضم بأعضائها الخمس حوالى نصف سكان العالم ويتفوق اقتصادها على مجموعة السبع- لتضع بزيادة الدول الأعضاء الجدد نهاية للنظام العالمي القديم ذي القطبية الواحدة التي تسيطر فيه الولايات المتحدة على العالم.

في الواقع لفت الصحفي الأمريكي ذو الأصول الهندية المعروف زكريا فريد أنظار العالم لدى صدور كتابه “عالم لم يعد لأمريكا وحدها” الصادر عام 2008.

The Post-American World

عندما تحدث لأول مرة عن نظام عالمي جديد “متعدد الأقطاب”، ولما تضمنه كتابه هذا من حقائق ومعلومات تعين على فهم المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، والذي يعتبر تراجع أمريكا عن قيادته أحد مظاهره. فريد لم يتحدث في كتابه – الذي التقطت صورة لأوباما وهو يمسك به أثناء صعوده الطائرة الرئاسية – عن انهيار أمريكا ومظاهر هذا الانهيار الذي يعتبر تحولها إلى الدولة الأكثر مديونية في العالم أحد مظاهره، ولكنه يشرح مستقبلًا لعالم تساهم في تشكيله العديد من الدول (غير الغربية). ويرى فريد أننا نعيش مرحلة في تاريخ العالم يمكن تسميتها بمرحلة “نهوض الآخرين”، وهو يشرح ذلك بالقول: “إنه على مدى السنوات القليلة الماضية حققت العديد من دول العالم – خاصة في آسيا- معدلات كبيرة في النمو الاقتصادي لم تخطر على بال أحد، ففي عامي 2006 و2007 حققت 124 دولة – منها 30 دولة إفريقية – معدلات نمو تتجاوز 4%. والعشرين وفي الواقع لم يكن كتاب زكريا الأول من نوعه، فمع بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ظهرت العديد من الكتب التي تتحدث عن العالم الجديد التي ظهرت فيه العديد من الدول الناشئة.

Emerging powers

كفيتنام التي لم يكن أحد ليتصور أنها ستصبح ضمن القوى الصاعدة في ذلك العالم الجديد.

وتعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من بين أبرز الدول الصاعدة المرشحة للانضمام إلى مجموعة بريكس، فهي تحتل المرتبة 17 في مجموعة العشرين، وتجاوز معدل نموها 8% عام 2022، وهو ما يؤهلها للعضوية بسهولة تامة. كما أن علاقات السعودية الوثيقة مع الولايات المتحدة ودورها كأكبر منتج للنفط في العالم يعني أن إضافتها للنادي ستضيف وزنًا حقيقيًّا للمجموعة.

ويتمثل أحد أهداف تكتل “بريكس” الرئيسية في تقليل الاعتماد على الدولار من خلال زيادة المدفوعات بعملات الأعضاء، بالتوازي مع طموح طويل الأجل لإطلاق عملة مشتركة للتصدي لهيمنة الدولار، وبالتالي تلافي نظام العقوبات الدولية الذي يعتبر أحد مظاهر الهيمنة الأمريكية على العالم. ويمكن القول في الختام إن “بريكس” ليست إلا مظهرًا واحدًا من مظاهر التوجه العالمي نحو عالم متعدد الأقطاب تحتل فيه الصين وروسيا والهند مراكز عالمية متقدمة كثلاثة أقطاب رئيسة في هذا العالم الجديد.

د. إبراهيم فؤاد عباس

مؤرخ ومترجم وكاتب - فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى