المقالات

“محمد الطيب التونسي” وذكريات إنسان. “1”

الحقيقة بحثت عن عنوان يليق بمقام المرحومبإذن اللهالفريق أول محمد الطيب التونسي. القائد المُحنك والرجل النبيل والإنسان الواعي المثقف، والذي كان مجموعة قادة في رجل. بحثت عن عنوان لمقال صحفي يكون في لمعان سيرته وفي نفس الوقت يسير إلى ما سيكون عليهالمقال كذكريات. فدار في خاطري عنوان الطيب، وأنا ولكن في ذلك الوقت بون شاسع بيننا. طبعًا لصالح معاليه، ولكن كان عنوانًا مناسبًا. فعدلت عنه ولاح أمامي عنوان “ذكريات ومواقف مع الفريق الطيب”. ولكن أيضًا لم يروق لي. فوضعت هذا العنوان “محمد الطيب التونسي وذكريات إنسان”. فقد يكون هذا الإنسان عالمًا أو وزيرًا أو جنديًا أو أديب. فهذا علي الأرجح  بعض ما يستحقه ذلك القائد الفذ. طبعًا أناكنت ذاك الجندي. وإن برتبة ملازم كبادئ ذي بدء. كنت ملازمًا في شرطة نجدة مدينة جدة. حيث افتتحت في بدابات عام -1384 هجرية وكان مقرها في باب شريف أمام المستشفى العام. وكان حين ذاك الفريق يحيى المعلمي برتبة رائد، وهو الذي كان وراء الفكرة وبنفس الوقت هو من أعد لها وقام على تنفيذها، وكان في ذلك الحين من الضباط الذين يشار لهم بالبنان. ولا شك كانت تتسق صفاته مع حروف لقبه. فقدكان ألمعيًا ذكيًا سريع البديهة، وزاده العلم ثراءً في المقام والاهتمام. فقد درس في أمريكا عدة سنوات. لاحظوا أني أتكلم عن حقبة ماضية تتجاوز خمسة عقود تقريبًا. كان المعلمي وجملة من النخبة ممن نستطيع أن نطلق عليهم رجالًا حضروا قبل أوانهم. الحقيقة الحديث اليوم ليس عن هذه الشخصية الرائعة ولكن لم يكن من الوفاء المرور بدون إلقاء بعض الضوء ولو علي عجل عنهرحمه الله-. في هذه الفعالية التي كانت متقدمة خطوات في العمل الأمني، وفي ذلك الزمان قد كانت وبمحض الصُدفة كومضة ترحب بقدوم قائد فذ ليرأس جهاز الأمن العام وهو الفريق أول محمد الطيب التونسي.(لقد بحثت لكي أحصل علي معلومات من هنا وهناك عنه ولكن مع الأسف لم أجد شيئًا) واستغربت ما هذا الإنكار وحتي لو  لم يكن مقصودًا فهو عقوق التقصير وانعدام من يؤرخ للتاريخ ويعرف مكامنه الوثيرة والأثيرة؛ وكأن قدر العظماء الذين لا يجيدون ولا يهتمون بضوضاء الميديا أن تراثهم يندثر. وهنا أتعشم من إدارة العلاقات في الأمن العام أن تعمل علي تغذية المنصات المعنية ومنها الـ “ويكيبيديا” فليس من الإنصاف أن تحشد صفحات لمن هب ودب وتهمل شخصيات كان لها دور ثمين في قطاع هام في وطن الوفاء والإنسانية.

تعيَن الفريق الطيب عام 1386 مديرًا للأمن العام، وكنا نسمع ونرى التغييرات المتسارعة في إنشاء التنظيمات وتفعيل الإجراءات وتحديث الأمن من الفكر إلى الإمكانيات، وإن كانت الأولى أكثر صعوبة نتيجة البوم الشاسع بين الصراع على البقاء على طمام المرحوم، وبين العلم المتقدم  في الإدارة. كانت أول محطات المواقف مع هذه الشخصية العظيمة هي عندما طلب مني رئيس تحرير عكاظ الإشراف على زاوية أسبوعية بمسمى رجال الأمن وكنت قبل ذلك أحرر زاوية العيون الساهرة في المدينة، وأدركت أن المرحلة أصبحت “غير” كما تناهت لنا الأخبار والحقائق عن شخصية هذا الرجل المهيب، وأن هذه هي مرحلة الانضباط وليس للارتجال فيها مكان. فقبلت التكليف علي شرط أن يستأذنوا مدير الأمن العام رسميًا، وهذا ما حصل فقد أصدر توجيهًا بالموافقة ووصلتني صورة من مكتب معاليه، وفعلًا قمت بذلك إلى أن انتقلت إلى معهد المرور بالرياض. كان مدير المعهد والطلبة في اجازتهم السنوية، وكنت أتناوب العمل  مع زميلي على أن أحضر الساعة الثامنة  صباحًا لأستلم منه، ولكن زميلي غادر الساعة السابعة قبل أن أحضر وكان يومًا مختلفًا فقد مر مدير الأمن العام للتفتيش فلم يجدأ أحدًا، وعلمت بذلك فقلقت قليلًا، ولم يمضِ إلا وقت قصير وإذا والتليفون يرن وإذا هو مدير شؤون الضباط النقيب عبدالله الرهبيني يطلب مني الحضور للأمن العام. فذهبت ودخلت إلى مكتبه فبادرني انتبه لنفسك تري الفريق غضبان جدا فقد مر علي كل الإدارات. وطلب رؤسائها ومنهم الوية ووبخهم لعدم تواجدهم في بداية الدوام.  فاحرص واذا قال لك كلمتين اصبر، قلت يصير خير. دخلت وأنا أبو نجمتين علي فريق يحمل ضمنًا من النجوم ما ثقل وزنه وقيمته.زد علي ذلك فهو إضافة إلى قدراته أنيق جدًا طويل القامة ذو وجه معبر ونظرات حادة. أعطيته التحية وقلت أمرك قال أنت المسؤول عن المعهد هذه الأيام. قلت: نعم.. قال: وينك ما وجدتك. طبعًا كان بصوت فخم وفيه نبرات تثيرالخوف. فقلت له لا أبدي عذرًا وإن وجد. معاليك أنا أخطأت وقصرت. فكأنه فوجئ بهذا الرد فذهبت كل أثار الغضب وقال: أحسنت. روح لعملك. إلى اللقاء في الأسبوع القادمنكمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى