يوم الإثنين الرابع من شهر سفر من عام 1445 من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، زارني في مكتبي رجل كهل عليه سمة ومهابة. حياني بتحية الإسلام وجلس. رددت عليه التحية وسألته كيف يمكنني أن أقدم له الخدمة. فقال لي أنا اسمي فرانك، وأعتذر عن قدومي إليك دون موعد مسبق.
أعجبت بفصاحته وجزالة ألفاظه، وعن الطريقة التي يعبر بها عن نفسه. فهو يتحدث لغة إنجليزية برقيٍ قل مثيله؛ وكأنه يقرأ من كتاب. عرفت من خلال حديثه أنني أمام رجل قارئ.
أخبرني فرانك بأنه اشترى نسخة مترجمة من المصحف الشريف قبل ١٥ عامًا. استوقفته وسألته ما الذي دعاك به بشراء المصحف؟ قال لي: الهجوم الشديد على الإسلام من قبل وسائل الإعلام. لأنني لم أرد أن أحكم على الإسلام بكلام الآخرين، أردت أن أتأكد بنفسي وأتعرف عليه. ثم بدأت بقراءته مرات عديدة وداومت على ذلك خلال الخمس عشرة سنة الماضية. قال خلالها تعرفت على الله وتغيرت نظرت للكون ونظرتي لنفسي ونظرتي للحياة. خلال السنوات الماضية ظللت أصوم رمضان وامتنعت عن كل المحرمات وعشت كمسلم، ولكني لم أكن اعتنقت الإسلام بعد. كانت لحظات مليئة بالدهشة والتأمل. فاقرأ أول ما نزل من القرآن، إذن السر في القراءة. فهي سر النجاح والتقدم والفلاح ومعرفة الله ومعرفة الحياة والنظر للكون، ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ (الفرقان: 30)
كتاب الله الذي هجرناه هو السر، وسر آخر فيه من خفايا لطف الله ما الله به عليم. كيف انقلب هجوم الإعلام إلى وسيلة الدعوة إلى الله.
فشكرته على قدومه وأنه لا يحتاج إلى أن يأتي إلى المسجد أبي التقى بالشيخ ليعتنق الإسلام. فالعلاقة بينه وبين الله ليس فيها وسيط، مجرد أن ينطق بالشهادتين أينما كان وهو أفضل من أي شيخ لأنه بدأ صفحة جديدة، وشكرته على أن جعلنا جزءًا من قصة إيمانه. ثم طلب مني المساعدة في اختيار اسم جديد له ليفتح بها صفحة جديدة. فأخبرته عن رجل أحبه في الله معالي الدكتور بكري مدير جامعة أم القرى السابق. أخبرته عن تواضع هذا الرجل مع علمه ومكانته، ولكنه يشعر الناس بأنه كأحدهم وهذا خُلق من خلق الإسلام. وأخبرته عن ابتسامته الدائمة، وهذا خلق جميل من خلق الإسلام؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تبسمك في وجه أخيك صدقة. فقال لي: Bakri it is then. إذًا هو بكري.
هكذا أسلم بكري…
– مستشار الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية لشؤون الفتوى
