كلما ﺧﺎﻟﻄﺖ اﻟﻨﺎس ازددت يقينًا أن اﻷﺧﻼق ﻣﺜﻞ “اﻷرزاق” تمامًا هي ﻗﺴﻤﺔ وتوفيق ﻣﻦ الله تعالى فيها ﻏﻨﻲ وفيها ﻓﻘﻴﺮ، وحِينما أرادَ الله وصف نبيهُ -عليه الصلاة والسلام- لَم يصف نسَبهُ أو مَالهُ أو شَكلهُ لكنهُ قال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم) (القلم: 4).
وتوصلت إلى أنه قد يرسب في الأخلاق الدكتور، وينجح فيها عامل النظافة.
وخلف الاحترام والتقدير والاهتمام تختبئ كل معاني الحب الصادق؛ فليس كل من قال أحبك يحترمك ويقدرك ويهتم لأمرك، بل كل مهتم بك ثق تمامًا بأنه يحبك ويخاف على مصلحتك ويحب الخير لك؛ فتمسك به ولا تخسره لأن الحب الممزوج بالاحترام والتقدير والاهتمام لا يموت أبدًا، ومن الأخلاق أن لا تبخـلْ علـى من تُحبّ بهَـدية صغيرة أو وردة جميلة، أو حتى رسالة تحمل مشاعرَ طيّبة؛ فالعطاء يُفرح القلب مهما كان بسيطًا وصغيرًا، فلا تمنح أحدًا نصف وعد أو نصف احتواء أو نصف بقاء كُن كاملًا في العطاء أو ارحل، واعلم أنّ أرفع منازل الصداقة منزلتان:
الصبر على الصديق حين يغلبه طبعه فيسيء إليك، ثم صبرك على هذا الصبر حين تُغالب طبعك لكيلا تسيء إليه، وتذكر أن الأرواح الطيبة تتآلف وتلتقي على المحبة والخير، وليس من الضروري أن يرى كل منا الآخر، وإنما يكفينا أننا على الخير التقينا وعلى حب الله اجتمعنا مهما بعدت المسافات؛ فأرواحنا قريبة لا تعترف بالبعد، وأن الابتعاد عن المشاكل لا يعني الضعف، بل يعني أنك أكثر قدرة على الاستمتاع بحياتك، وأنت لست نصفًا، لتنتظر “أحدًا يكملك” أنت “مكتمل بذاتك” ومن يأتي في حياتك فهو نجم يزين سماءك، وإن رحل فما أجملَ السماءَ صافية، واعلم أن الإفراط في العطاء، يعلم الناس استغلالك، والإفراط في التسامح يعلم الناس التهاون في حقك، والإفراط في الطيبة يجعلك تعتاد الانكسار، والإفراط في الاهتمام بالآخرين يعلمهم الاتكالية، وإنما التوازن في الفضيلة هو ضمان اتزانها، فكم من طباع جميلة انقلبت على أصحابها بالإفراط فيها، فخاطبوا القلوب برفق ورحمة فما أطيب الدنيا إذا تصافت القلوب، وتناست العيوب، وتجملت بحسن الأسلوب.
وقمة الأخلاق أن ترشد ضالًا إلى طريق الحق، وأن لا تكره من يكرهك إذا لم تكن تحبه، وأن تساعد من يحتاج إليك، وأن تعفو عمن أساء إليك، وأن تبتسم في وجه من يقابلك فالابتسامة كلمة طيبة من غير حروف، وهي لا تكلف شيئًا ولكنها تعني الكثير فهي “جواز السفر إلى كل القلوب”.
وتذكروا دائمًا أن أعلى منازل جنة الفردوس أعدت لأهل الأخلاق الحسنة، والمعاملة الطيبة، والرفق واللين والرحمة والكرم والجود والإحسان بالقول والعمل، فهم جيران الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة.
وقفة:
احذر أن تعامل الناس على أنهم ملائكة فتعيش مغفلًا، ولا تعاملهم على أنهم شياطين فتعيش شيطانًا!!! ولكن عاملهم على أن فيهم بعض أخلاق الملائكة وكثيرًا من أخلاق الشــــياطين!!!!.
0